قال أبو حنيفة وأصحابه: ليس بيمين ولا تجب به كفارة، فمنهم من زعم أنه مخلوق. ومنهم من قال لا يعهد اليمين به. والحق أن القرآن كلام الله وصفة من صفات ذاته فتنعقد اليمين به، كما لو قال وجلال الله وعظمته.
وقوله " هو مخلوق " فهذا كلام المعتزلة، وإنما الخلاف مع الفقهاء، ولا شك أن مذاهب المتكلمين لها تأثيرها على تقرير أحكام الفروع عند الفقهاء وقد روى عن ابن عمر مرفوعا أن القرآن كلام الله غير مخلوق وقال ابن عباس في قوله تعالى " قرآنا عربيا غير ذي عوج " أي غير مخلوق.
إذا ثبت هذا فإن الحلف بآية منه كالحلف بجميعه لأنها من كلام الله تعالى. وان حلف بالمصحف انعقدت يمينه، وكان قتادة يحلف بالمصحف. وقال ابن قدامة ولم يكره ذلك إمامنا وإسحق، لان الحالف بالمصحف إنما قصد الحلف بالمكتوب فيه وهو القرآن، فإنه بين دفتي المصحف بإجماع المسلمين (مسألة) نص احمد رضي الله عنه على أن من حلف بحق القرآن لزمته بكل آية كفارة يمين. وهو قول ابن مسعود والحسن (قلت) مذهبنا أن الواجب كفارة واحدة وهو قياس المذهب عند الحنابلة وأبى عبيد، لان الحلف بصفات الله كلها وتكرر اليمين بالله سبحانه لا يوجب أكثر من كفارة واحدة، فالحلف بصفة واحدة من صفاته أولى أن تجزئه كفارة واحدة ووجه الأول ما رواه مجاهد قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من حلف بسورة من القرآن فعليه بكل آية كفارة يمين صبر، فمن شاء بر ومن شاء فجر " رواه الأثرم، ولان ابن مسعود قال عليه بكل آية كفارة يمين. قال أحمد وما أعلم شيئا يدفعه قال في المغنى: ويحتمل أن كلام أحمد في كل آية كفارة على الاستحباب لمن قدر عليه، فإنه قال عليه بكل آية كفارة يمين فإن لم يمكنه فكفارة واحدة. ورده إلى واحدة عند العجز دليل على أن ما زاد عليها غير واجب، وكلام ابن مسعود يحمل على الاختيار والاحتياط لكلام الله والمبالغة في تعظيمه، كما أن عائشة رض أعتقت أربعين رقبة حين حلفت بالعهد - وليس ذلك بواجب - ولا يجب أكثر من كفارة واحدة لقول الله تعالى " لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن