فعلى هذا يجب على شريكه وهو الجارح القود (والثاني) لا يجب عليه القود لأنه لم يقصد الجناية وإنما قصد المداواة فصار فعله عمد خطأ، فعلى هذا لا يجب عليه أو على شريكه القود في النفس. ويجب على كل واحد منهما نصف ديته مغلظة وهل يكون ما وجب على الامام من ذلك في ماله أو في بيت المال؟ فيه قولان يأتي بيانهما إن شاء الله تعالى (فرع) وإن جرح رجل رجلا جرحا وجرحه آخر مائة جرح ثم مات فهما شريكان في القتل، فيجب عليهما القود، لأنه يجوز أن يموت من الجرح الواحد كما يجوز أن يموت من المائة، وإذا تساوى الجميع في الجواز فالظاهر أنه مات من الجميع فصارا قاتلين فيجب عليهما القود وان عفا عنهما وجبت الدية عليهما نصفين ولا تقسط الدية على عدد الجراحات كما قلنا في الجلاد إذا زاد جلده على ما أمر به في أحد القولين، لان الأسواط متماثلة والجراحات لها مور في البدن أي قطع. وقد يجوز الواحدة منهما هي القاتلة وحدها دون غيرها، وان أجافه رجل جائفة وجرحه آخر جراحة غير جائفة ثم مات منهما فهما سواء، وكون إحداهما أعمق من الأخرى لا يمنع من تساويهما كما لا يمنع زيادة جراحات أحدهما في العدد التساوي بينهما (فرع) إذا قطع رجل حلقوم رجل أو ضربه ثم جاء آخر فقطعه نصفين أو خرق بطنه وقطع أمعاءه وأبانها معه ثم جاء آخر فذبحه فالأول قاتل يجب عليه القود ولا يجب على الثاني الا التعزيز، لان بعد جناية الأول لا يبقى فيه حياة مستقرة، وإنما يتحرك كما يتحرك المذبوح، ولأنه قد صار في حكم الموتى بدليل أنه لا يصح اسلامه ولا توبته، ولا يصح بيعه ولا شراؤه ولا وصيته ولا يرث وان جنى لم يجب عليه شئ فصار كما لو جنى على ميت وان قطع الأول يده أو رجله ثم حز الاخر رقبته أو اجافه الأول ثم قطع الثاني رقبته فالأول جارح يجب عليه ما يجب على الجارح والثاني قاتل، لان بعد جناية الأول فيه حياة مستقرة، لأنه قد يعيش اليوم واليومين وقد لا يموت من هذه الجناية، بدليل أنه يصح اسلامه وتوبته وبيعه وشراؤه ووصيته:
(٣٧٢)