عليه القصاص كشريك الأب (والثاني) لا يجب لأنه إذا لم يجب على شريك المخطئ وجنايته مضمونة فلان لا يجب على شريك الجارح نفسه السبع وجنايتهما غير مضمونة أولى. وإن جرحه رجل جراحة وجرحه آخر مائة جراحة وجب القصاص عليهما، لان الجرح له سراية في البدن وقد يموت من جرح واحد ولا يموت من جراحات لم تمكن إضافة القتل إلى واحد بعينه ولا يمكن إسقاط القصاص فوجب على الجميع. وإن قطع أحدهما يده وحز الاخر رقبته أو قطع حلقومه ومريئه أو شق بطنه فأخرج حشوته، فالأول قاطع يجب عليه ما يجب على القاطع والثاني قاتل لان الثاني قطع سراية القطع فصار كما لو اندمل الجرح ثم قتله الاخر. وان قطع أحدهما حلقومه مريئه أو شق بطنه وأخرج حشوته ثم حز الاخر رقبته فالقاتل هو الأول لأنه لا تبقى بعد جنايته حياة مستقرة وإنما يتحرك حركة مذبوح ولهذا يسقط كلامه في الاقرار والوصية والاسلام والتوبة. وان أجافه جائفة يتحقق الموت منها الا أن الحياة فيه مستقرة ثم قتله الاخر كان القاتل هو الثاني، لان حكم الحياة باق. ولهذا أوصى عمر رضي الله عنه بعد ما سقى اللبن وخرج من الجرح ووقع الإياس منه فعمل وصيته فجرى مجرى المريض المأيوس منه إذا قتل وإن جرحه رجل فداوى جرحه بسم غير موح الا أنه يقتل في الغالب، أو خاط جرحه في لحم حي أو خاف التآكل فقطعه فمات ففي وجوب القتل على الجاني طريقان من أصحابنا من قال فيه قولان، أحدهما يجب عليه القتل. والثاني لا يجب لأنه شاركه في القتل من لا ضمان عليه فكان في قتله قولان، كالجارح إذا شاركه المجروح أو السبع في الجرح ومنهم من قال لا يجب عليه القتل قولا واحدا لان المجروح ههنا لم يقصد الجناية وإنما قصد المداواة فكان فعله عمد خطأ فلم يجب القتل على شريكه والمجروح هناك والسبع وقصدا الجناية فوجب القتل على شريكهما، وإن كان على رأس مولى عليه سلعة فقطعها وليه أو جرحه رجل فداواه الولي بسم غير موح أو خاط جرحه في لحم حي ومات ففيه قولان، أحدهما يجب على الولي القصاص لأنه جرح جرحا مخوفا فوجب عليه القصاص كما وفعله غير الولي والثاني لا قصاص عليه لأنه لم يقصد الجناية وإنما قصد المداواة وله في نظر مداواته فلم يجب عليه القصاص، فإن قلنا يجب عليه القصاص
(٣٦٨)