حكمتموه وإن لم يعطكم حذرتم فلم تحكموه. فدسوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ناسا من المنافقين ليخيروا لهم رأى النبي صلى الله عليه وسلم، فلما جاءوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبر الله رسوله بأمرهم كله وما أرادوا، فأنزل الله تعالى (يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون - إلى قوله تعالى - وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس - إلى قوله تعالى - ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون) وروى الإمام أحمد بإسناده عن الزهري عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأها (وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين) نصب النفس ورفع العين، وكذا رواه أبو داود والترمذي والحاكم في مستدركه من حديث عبد الله ابن المبارك. وقال الترمذي حسن غريب. وقال البخاري تفرد ابن المبارك بهذا الحديث. وقد استدل كثير ممن ذهب من الأصوليين والفقهاء إلى أن شرع من قبلنا شرع لنا إذا حكى مقررا ولم ينسخ كما هو المشهور عند الجمهور، وكما حكاه الشيخ أبو إسحاق الأسفراييني عن نص الشافعي وأكثر الأصحاب بهذه الآية حيث كان الحكم عندنا على وفقها في الجنايات.
وقال الحسن البصري: هي عليهم وعلى الناس عامة. رواه ابن أبي حاتم، وقد حكى الامام النووي في كتاب الصوم من المجموع في هذه المسألة ثلاثة أوجه ثالثها: أن شرع إبراهيم حجة دون غيره وصحح منها عدم الحجية. ونقلها الشيخ أبو إسحاق الأسفراييني أقولا عن الشافعي وأكثر الأصحاب. ورجح أنه حجة عند الجمهور من أصحابنا. وقد حكى الإمام أبو قصر بن الصباغ في الشامل إجماع العلماء على الاحتجاج بهذه الآية على ما دلت عليه.
أما حديث عثمان رضي الله عنه فقد أخرجه أبو داود في الديات عن سليمان ابن حرب والترمذي في الفتن عن أحمد بن الضبي والنسائي في المحاربة عن إبراهيم ابن يعقوب وعن مؤمل بن إهاب وعن أبي الأزهر أحمد بن الأزهر وابن ماجة في الحدود عن أحمد بن عبدة، ولفظه " أن عثمان أشرف يوم الدار فقال أنشدكم الله أتعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث، زنا بعد إحصان، أو ارتداد بعد اسلام، أو قتل نفسا بغير حق