كان يمينا، وإن أطلق أو قصد غير الله تعالى لم يكن يمينا فيختلف هذا القسم والذي قبله في حالة الاطلاق، ففي الأول يكون يمينا وفي الثاني لا يكون يمينا (فرع) والقسم بصفاته تعالى كالقسم بأسمائه. وصفاته تنقسم إلى ثلاثة أقسام أولها ما هو من صفات الذات الإلهية ولا يحتمل صرفا إلى غيرها كعزة الله وجلاله وعظمته وكبريائه وكلامه، فهذه تنعقد بها اليمين، وبه قال أحمد وأصحاب الرأي ومالك، لأن هذه من صفات ذاته لم يزل موصوفا بها، وقد ورد الأثر بالقسم ببعضها، فروى " أن النار تقول قط قط وعزتك " رواه البخاري، والذي يخرج من النار يقول: وعزتك لا أسألك غيرها. وفي كتاب الله تعالى " فبعزتك لأغوينهم أجمعين " (الثاني) ما هو صفة الذات ويعبر به عن غيرها مجازا كعلم الله وقدرته، فهذه صفة للذات لم يزل موصوفا بها، وقد تستعمل في المعلوم والمقدور اتساعا، كقولهم اللهم اغفر لنا علمك فينا، ويقال اللهم قد أريتنا قدرتك فأرنا عفوك ويقال انظر إلى قدرة الله، أي إلى مقدوره، فمتى أقسم بهذه الصفات مضافة إلى الله تعالى ولم ينو المعلوم أو المقدور انعقد يمينه، وبهذا قال أحمد رضي الله عنه.
وقال أبو حنيفة " إذا قال وعلم الله " لا يكون يمينا لأنه يحتمل المعلوم دليلنا أن العلم من صفات الله تعالى فكانت اليمين به يمينا موجبة للكفارة كالعظمة والعزة والقدرة، وينتقض ما ذكروه بالقدرة، فإنهم قد سلموها وهي قرينها، فأما إن نوى القسم بالمقدور والمعلوم لا يكون يمينا، وهو قول أصحاب أحمد لأنه نوى بالاسم غير صفة الله مع احتمال اللفظ ما نواه، فأشبه ما لو نوى القسم بمحلوف في الأسماء التي يسمى بها غير الله تعالى وقد روى عن أحمد أن ذلك يكون يمينا بكل حال ولا تقبل منه نية غير صفة الله تعالى، وهو قول أبي حنيفة في القدرة، لان ذلك موضوع للصفة فلا يقبل منه غير الصفة كالعظمة.
قال ابن قدامة " وقد ذكر طلحة العاقولي في أسماء الله تعالى المعرفة بلام التعريف كالخالق والرازق أنها تكون يمينا بكل حال، لأنها لا تنصرف إلا إلى اسم الله تعالى. كذا هذا