هذا فان اليمين تنعقد بالحلف بالله تعالى أو باسم، أجمع أهل العلم على أن من حلف بالله عز وجل فقال: والله أو بالله أو تالله فحنث أن عليه الكفارة.
وقال ابن المنذر: وكان مالك والشافعي وأبو عبيد وأبو ثور وأصحاب الرأي يقولون: من حلف باسم من أسماء الله تعالى فحنث أن عليه الكفارة ولا نعلم في هذا خلافا إذا كان من أسماء الله عز وجل التي لا يسمى بها سواه، وأسماء الله تعالى أربعة أقسام كما مضى نقلنا عن أصحابنا، وهي من حيث انعقاد الحلف بها في الاستعمال تنقسم إلى ثلاثة أقسام، فأولها هو العلم وما يجرى مجراه مما لا يسمى به غير الله تعالى مثل الله والرحمن، والأول الذي ليس قبله شئ والآخر الذي ليس بعده شئ، ورب العالمين، مالك يوم الدين، ورب السماوات والأرضين والحي الذي لا يموت ونحو هذا فالحلف بهذا يمين بكل حال، وان نوى غيره والثاني: ما يسمى به غير الله تعالى مجازا، واطلاقه ينصرف إلى الله تعالى مثل الخالق والرازق والرب والرحيم والقادر والقاهر والملك والجبار ونحوه، فهذا مما يشترك الله تعالى في التسمي به مع غير من مخلوقاته، ويطلق على غير الله مجازا بدليل قوله تعالى " إنما تعبدون من دون الله أوثانا وتخلقون إفكا " " أتدعون بعلا وتذرون أحسن الخالقين " وقوله " ارجع إلى ربك " " واذكرني عند ربك - فأنساه الشيطان ذكر ربه " وقال " فارزقوهم منه " وقال " بالمؤمنين رؤوف رحيم " فهذا ان نوى به اسم الله تعالى أو أطلق كان يمينا: لأنه باطلاقه ينصرف إليه. وان نوى به غير الله تعالى لم يكن يمينا لأنه يستعمل في غيره فينصرف بالنية إلى ما نواه، وهذا مذهب أحمد.
وقال بعض الحنابلة: هو يمين كالأول على كل حال. والقسم الثالث:
ما يسمى به الله تعالى وغيره، ولا ينصرف إليه بإطلاقه كالحي والعالم والموجود والمؤمن والكريم والشاكر، فهذا ان قصد به اليمين باسم الله تعالى، فعندنا لا يكون يمينا. لان اليمين إنما تنعقد لحرمة الاسم ومع الاشتراك لا تكون له حرمة، والنية المجردة لا تنعقد بها اليمين وقال أحمد وأصحابه إلا القاضي أبا بكر: ان قصد به اليمين باسم الله تعالى