وجملة ذلك أن كسوة الزوجة تجب على الزوج لقوله تعالى وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف " ولقوله صلى الله عليه وسلم " ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف " ولان الكسوة تحتاج إليها لحفظ البدن على الدوام، فوجبت على الزوج كالنفقة.
إذا ثبت هذا فإن المرجع في عدد الكسوة وقدرها وجنسها لي العرف والعادة لان الشرع ورد بإيجاب الكسوة غير مقدرة، وليس لها أصل يرد إليه، فرجع في عددها وقدرها إلى العرف بخلاف النفقة، فإن في الشرع لها أصلا، وهو الاطعام في الكفارة فردت النفقة إليها فإن قيل فقد ورد الشرع بإيجاب الكسوة في الكفارة فهلا ردت كسوة الزوجة إلى ذلك؟ فالجواب أن في الكسوة الواجبة في كفارة اليمين ما يقع عليه اسم الكسوة، وأجمعت الأمة على أنه لا يجب للزوجة من الكسوة ما يقع عليه اسم الكسوة، فإذا منع الاجماع من قياس كسوتها على الكسوة في الكفارة لم يبق هناك أصل يرد إليه، فرجع في ذلك إلى العرف.
فأما عدد الكسوة قال الشافعي: فيجب للمرأة قميص وسراويل وخمار أو مقنعة قال أصحابنا: ويجب لها شئ تلبسه في رجلها من نعل ونحوه. وأما قدرها فإنه يقطع لها ما يكفيها على قدر طولها وقصرها، لان عليه كفايتها في الكسوة ولا تحصل كفايتها إلا بقدرها. وأما جنسها فإن الشافعي قال أجعل لامرأة الموسر من لين البصري والكوفي والبغدادي، ولامرأة المعسر من غليظ البصري والكوفي - قال الشيخ أبو حامد إنما فرض الشافعي هذه الكسوة على عادة أهل زمانه. لان العرف في وقته على ما ذكر. فأما في وقتنا فإن العرف قد اتسع فإن العرف أن امرأة الموسر تلبس الحرير والخز والكتان، فيدفع إليها مما جرت عادة نساء بلدها بلبسه. وإن كان في الشتاء أضاف إلى ذلك جبة محشوة تتدفأ بها. انتهى وعندي أنها إذا كانت في بلد لا يكتفي نساؤهم إلا بثياب داخلية وثياب خارجية وثياب للنوم وجب كسوتها من ذلك، ويجب لها نطاق وخمار، فيجب لامرأة الموسر من مرتفع ذلك، وتسمى في زماننا بالطرحة أو الايشارب.