ولولا لبسهم الدروع التي قد صدأت ما وصفهم بالسهك، والسهك والسهكة قبح رائحة اللحم إذا خبز وقال ابن بطال وأصله ريح السمك وصدأ الحديد أما ما في هذه الفصل من الأحكام فهو أنه يجب لها ما تحتاج إليه من الدهن والمشط، لان ذلك تحتاج إليه لزينة شعرها فوجب عليه كنفقة بدنها، ولان فيه تنظيفا فوجب عليه، كما يجب على المكترى كنس الدار المستأجرة، هكذا أفاده العمراني في البيان.
ويجب عليه ما تحتاج إليه من الصابون وأجرة الحمام، أو توفير أسباب الاستحمام في مسكنها لما ذكرناه في الدهن والمشط. قال الشيخ أبو إسحاق هنا فأما الخضاب فإن لم يطلب الزوج منها لم يلزمه، وان طلبه منها لزمه ثمنه، وأما الطيب، فإن كان يراد لقطع السهوكة لزمه لأنه يراد للتنظيف، وإن كان راد للتلذذ والاستمتاع لم يلزمه، لان الاستمتاع حق له فلا يلزمه، ولا يلزمه أجرة الحجامة والفصادة، ولا ثمن الأدوية ولا أجرة الطبيب ان احتاجت إليه لان ذلك يراد لحفظ بدنها لعارض ولنا وقفة عند هذا الامر الذي ينبغي النظر إليه من خلال ما طرأ على حياة الناس من تغير، وليس هذا الفرع بالشئ الثابت الذي لا يتأثر بالعوامل الانسانية السائدة، فإنه إذا كان الزوجان في مجتمع أو بيئة أو دولة تكفل للعامل والشغال قدرا من الرعاية الصحية تحت اسم إصابة العمل أو المرض أثناء الخدمة فيتكفل صاحب العمل ببعض نفقات العلاج أو كلها، فإنه ليس من العروف أن لضرب المثل هنا بإجارة الدار مع الفارق بين الزوجة والدار، والأقرب إلى التشبيه أن يكون المثل إنسانيا فيضرب المثل بالعامل فإنه أولى على أن الفصل في ذلك أن المرء فيها أمير نفسه، فإن كان يحس في وجدانه بقوله تعالى " والله خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة " فإنه لن يشح عليها بما يزيل وصبها وعطبها في كتفه، وهو أمر مستحب يدخل في فضائل المروءة وحسن المعاشرة والايثار