(فصل) ويجب لها ما تحتاج إليه من المس والسدر والدهن للرأس وأجرة الحمام، إن كان عادتها دخول الحمام، لان ذلك يراد للتنظيف فوجب عليه كما يجب على المستأجر كنس والدار وتنظيفها. وأما الخضاب فإنه إن لم يطلبه الزوج لم يلزمه، وإن طلبه منها لزمه ثمة لأنه للزينة. وأما الأدوية وأجرة الطبيب والحجام فلا تجب عليه، لأنه ليس من النفقة الثابتة، وإنما يحتاج إليه لعارض وأنه يراد لاصلاح الجسم فلا يلزمه كما لا يلزم المستأجر إصلاح ما انهدم من الدار وأما الطبيب فإنه إن كان يراد لقطع السهوكة لزمه لأنه يراد للتنظيف، وإن كان يراد للتلذذ والاستمتاع لم يلزمه، لان الاستمتاع حق له فلا يجبر عليه.
(الشرح) قال الشافعي رضي الله عنه " وأقل ما يعولها به وخادمها ما لا يقوم بدن أحد على أقل منه، وذلك مد بمد النبي صلى الله عليه وسلم لها في كل يوم من طعام البلد الذي يقتاتون، حنطة كان أو شعيرا، أو ذرة أو أرزا أو سلتا، ولخادمها مثله ومكيلة من أدم بلادها زيتا كان أو سمنا بقدر ما يكفي ما وصفت من ثلاثين مدا في الشهر، ولخادمها شبيه به، ويفرض لها في دهن ومشط أقل ما يكفيها، ولا يكون ذلك لخادمها لأنه ليس بالمعروف قال: وإن كانت ببلد يقتاتون فيه أصنافا من الحبوب كان لها الأغلب من قوت مثلها في ذلك البلد. وقد قيل لها في الشهر أربعة أرطال في كل جمعة رطل وذلك المعروف لها. اه قلت: وجملة ذلك أنه يجب للزوجة الادام لقوله تعالى " وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف " ومن المعروف أن المرأة لا تأكل خبزها إلا بأدم وروى عكرمة " أن امرأة سألت ابن عباس وقالت له " ما الذي لي من مال زوجي؟ فقال الخبز والأدم. قالت أفآخذ من دراهمه شيئا؟ فقال أتحبين أن يأخذ من مالك فيتصدق به؟ قالت لا، فقال كذلك لا تأخذي من دراهمه شيئا بغير أمره " ويرجع في جنسه وقدره إلى العرف فيجب في كل بلد من غالب أدمها وقال أصحابنا إن كان بالشام فالأدم الزيت، وإن كان العراق فالشيرج. وإن كان بخراسان فالسمن، وإنما أوجب الشافعي الادهان من بين سائر الادام لأنها