وبه قال ربيعة ومالك وأحمد. وقال الثوري وأبو حنيفة: لا يقتص منهم بل ينتقل حق المجني عليه إلى الدية. دليلنا ما روى أن رجلين شهدا عند علي رضي الله عنه على رجل بالسرقة فقطع يده ثم أتيا برجل أخر وقالا: هذا الذي سرق وأخطأنا في ذلك، فلم يقبل شهادتهما على الثاني وغرمهما دية ويد وقال: لو أعلم أنكما تعمدتما لقطعت أيديكما، وروى لقطعتكما، ولا مخالف له في الصحابة، ولان كل جناية وجب بها القصاص على الواحد وجب بها على الجماعة كالنفس، وإن قطع أحدهما بعض العضو وأبانه الثاني، أو وضع أحدهما السكين على المفصل ووضع الاخر عليه السكين من الجانب الآخر ثم قطعاه وأباناه لم يجب على أحدهما قصاص في إبانة العضو، لان جناية كل واحد منهما قطعة مميزة في بعض العضو فلا يقتص منه في جميعه.
(فرع) ويعتبر في المجني به على ما دون النفس ما يعتبر في النفس، فإن رماه بحجر كبير يوضحه مثله في الغالب فأوضحه وجب عليه القود، وإن لطمه وورم وانتفخ فصار موضحة فلا قود فيها وفيها الدية. وإن رماه بحجر صغير لا يوضح مثله في الغالب فأوضحه لم يجب عليه القود ووجب عليه الدية كما قلنا في النفس.
وحكى ابن الصباغ في الشامل أن الشيخ أبا حامد قال إذا كان الحجر مما يوضح غالبا فإنه يجب القصاص في الموضحة، فإذا مات لم يجب القصاص. قال ابن الصباغ وهذا فيه نظر لان من أوضح غيره بحديدة فمات منها وجب عليه القود، فإذا كانت هذه الآلة توضح في الغالب كانت كالحديد.
قال المصنف رحمه الله:
(فصل) والقصاص فيما دون النفس في شيئين في الجروح وفي الأطراف، فأما الجروح فينظر فيها فإن كانت لا تنتهي إلى عظم كالجائفة وما دون الموضحة من الشجاج، أو كانت الجناية على عظم ككسر الساعد والعضد والهاشمة والمنقلة، لم يجب فيها القصاص، لأنه لا تمكن المماثلة فيه ولا يؤمن أن يستوفى أكثر من الحق فسقط، فإن كانت الجناية تنتهي إلى عظم - فإن كانت موضحة في الرأس أو