وجب على الجارح لأنهما شريكان في القتل، وان قلنا لا قصاص عليه لم يجب على الجارح لأنه شارك من فعله عمد خطأ (الشرح) في هذا الفصل لغات، فقوله حشوته هي يقال حشوة بالكسر والضم. وحلقومه مجرى النفس، وهو القصبة والمرئ مدخل الطعام والشراب وقوله " غير موح " أي غير مسرع، والوحا السرعة; وقوله عليه سلعة، فالسلعة بالكسر زيادة في البدن كالجوزة وتكون في مقدار حمصة إلى بطيخة، والسلعة بالفتح الجراحة، والجائفة الطعنة التي تبلغ الجوف، وجافه الدواء فهو مجوف إذا دخل جوفه، وفي الحديث في الجائفة ثلث الدية " أما الأحكام فإن الجماعة تقتل بالواحد، وهو أن يجنى عليه كل واحد منهم جناية لو انفرد بها مات منها وجب عليه القصاص، وبه قال من الصحابة عمر وعلى وابن عباس والمغيرة بن شعبة. ومن التابعين ابن المسيب وعطاء والحسن وأبو سلمة. ومن الفقهاء الأوزاعي والثوري ومالك وأحمد وأبو حنيفة وإسحاق وأبو ثور. وقال محمد بن الحسن ليس هذا بقياس إنما صرنا إليه من طريق الأثر والسنة.
وقال ابن الزبير ومعاذ بن جبل والزهري وابن سيرين: لا يقتل الجماعة بالواحد بل للولي أن يختار واحدا منهم فيقتله ويأخذ من الباقين حصتهم من الدية وقال ربيعة وداود: يسقط القصاص، وبه قال حبيب بن أبي ثابت وعبد الملك وابن المنذر، وحكاه ابن أبي موسى عن ابن عباس ووجه قول ابن الزبير ومن قال مثله أن كل واحد منهم مكافئ له فلا تستوفى أبدال بمدل واحد كما لا تجب ديات لمقتول واحد، ولان الله تعالى قال (الحر بالحر) وقال (وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس) فمقتضاه أنه لا يؤخذ بالنفس أكثر من نفس واحدة، ولان التفاوت في الأوصاف يمنع، بدليل أن الحر لا يؤخذ بالعبد، والتفاوت في العدد أولى. قال ابن المنذر: لا حجة مع من أوجب قتل جماعة بواحد.
دليلنا قوله تعالى (ولكم في القصاص حياة) فأوجب القصاص لاستيفاء الحياة، وذلك أنه متى علم الانسان أنه إذا قتل غيره قتل به لم يقدم على القتل، فلو قلنا لا تقتل الجماعة بالواحد لكان الاشتراك يسقط القصاص، وسقط هذا