(فصل) إذا وجبت النفقة للحمل أو للحامل بسبب الحمل ففي وجوب الدفع قولان (أحدهما) لا يجب الدفع حتى تضع الحمل لجواز أن يكون ريحا فانفش، فلا يجب الدفع مع الشك (والثاني) يجب الدفع يوما بيوم، لأن الظاهر وجود الحمل، ولأنه جعل كالمتحقق في منع النكاح وفسخ البيع في الجارية المبيعة والمنع من الاخذ في الزكاة ووجوب الدفع في الدية فجعل كالمتحقق في دفع النفقة فإن دفع إليها ثم بان أنه لم يكن بها حمل - فإن قلنا تجب يوما بيوم - فله أن يرجع عليها لأنه دفعها على أنها واجبه، وقد بان أنها لم تجب فثبت له الرجوع. وان قلنا إنها لا تجب الا باوضع، فإن دفعها بأمر الحاكم فله أن يرجع لأنه إذا أمره الحاكم لزمه الدفع فثبت له الرجوع، وان دفع من غيره أمره فإن شرط أن ذلك عن نفقتها إن كانت حاملا فله أن يرجع لأنه دفع عما يجب وقد بان أنه لم يجب. وان لم يشرط لم يرجع لأن الظاهر أنه متبرع (الشرح) الأحكام: إذا طلق امرأته بعد الدخول طلاقا رجعيا فإنها تستحق على الزوج جميع ما تستحق الزوجة إلا القسم إلى أن تنقضي عدتها، وهو إجماع وإن كان الطلاق بائنا وجب لها السكنى حائلا كانت أو حاملا. وأما النفقة فإن كانت حائلا لم يجب لها. وإن كانت حاملا وجبت. وقال ابن عباس وجابر:
لا سكنى للبائن وبه قال أحمد وإسحاق. وقال أبو حنيفة تجب النفقة للبائن سواء كانت حاملا أو حائلا.
ودليلنا قوله تعالى " أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم ولا تضاروهن لتضيقوا عليهن، وان كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن، فأوجب السكنى للمطلقات بكل حال، وأوجب لهن النفقة بشرط ان كن أولات حمل. فدل على أنهن إذا لم يكن أولات حمل لا نفقة لهن.
وروى أن فاطمة بنت قيس طلقها زوجها ثلاثا وهو غائب بالشام فحمل إليها وكيله كفا من شعير فسخطته، فقال لها لا نفقة لك إلا أن تكوني حاملا، إنما هو متطوع عليك، فأتت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته بذلك فقال لها لا نفقة لك الا أن تكوني حاملا، واعتدى عند أم شريك