أما الأحكام: فإنه إذا كان الزوج موسرا فصار معسرا فإنه ينفق على زوجته نفقة المعسر، ولا يثبت لها الخيار في فسخ النكاح، لان بدنها يقوم بنفقة المعسر وان أعسر بنفقة المعسر كانت بالخيار بين أن تصبر وبين أن تفسخ النكاح، وبه قال عمر وعلي وأبو هريرة وابن المسيب والحسن البصري وحماد بن أبي سلمة وربيعة ومالك وأحمد وقال عطاء والزهري والثوري وأبو حنيفة وأصحابه: لا يثبت لها الفسخ، بل يرفع يده عنها لتكتسب. وحكاه المسعودي قولا آخر لنا. وليس بمشهور.
دليلنا قوله تعالى الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان " فخير الله الزوج بين الامساك بالمعروف، وهو أن يمسكها وينفق عليها، وبين التسريح بإحسان. فإذا تعذر عليه الامساك بمعروف تعين عليه التسريح وروى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " إذا أعسر الرجل بنفقة امرأته يفرق بينهما " ولأنه روى ذلك عن عمر وعلي وأبي هريرة ولا مخالف لهم في الصحابة الا ما رواه صاحب الفتح عن الكوفيين من أنه يلزم المرأة الصبر وتتعلق النفقة بذمة الزوج. وحكاه في البحر من كتب العترة عن عطاء والزهري والثوري والقاسمية. وقالوا عن الأحاديث انها معتلة وأما ما ورد في الصحيحين من حديث أبي هريرة فقالوا هو من قول أبي هريرة كما وقع التصريح به منه حيث قال " انه من كيسه " أي من استنباطة من المرفوع وقد وقع في رواية الأصيلي بفتح الكاف أي من فطنته ونجيب عن ذلك بأن الأحاديث المذكورة يقوي بعضها بعضا مع أنه لم يكن فيها قدح يوجب الضعف فضلا عن السقوط. والآية " لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله لا يكلف الله نفسا الا وسعها ما آتاها " وكذا قولهم " وإذا أعسر ولم يجد سببا يمكنه به تحصيل النفقة فلا تكليف عليه بدلالة الآية فيجاب عنه بأنا لم نكلفه النفقة حال اعساره، بل دفعنا الضرر عن امرأته وخلصناها من حباله لتكتسب لنفسها أو يتزوجها رجل آخر.
واحتجوا بما في صحيح مسلم من حديث جابر " أنه دخل أبو بكر وعمر على النبي صلى الله عليه وسلم فوجداه حوله نساؤه واجما ساكنا وهن يسألنه النفقة،