(فرع) وان دفع إليها الكسوة أو النعل فبليت نظرت، فإن بليت في الوقت الذي يبلى فيه مثلها، مثل أن يقال: مثل هذا يبقى ستة أشهر، فأبلته بأربعة أشهر أو دونها لم يلزمه أن يدفع إليها بدله، لأنه قد دفع إليها ما تستحقه عليه، فإذا بلى قبل ذلك لم يلزمه ابداله، كما لو سرقت كسوتها أو احترقت، وكما لو دفع إليها نفقة يوم فأكلتها قبل اليوم.
وان مضى الزمان الذي تبلى فيه مثل تلك الكسوة بالاستعمال المعتاد ولم تبل تلك الكسوة بل يمكن لباسها، فهل يلزمه أن يكسوها؟ فيه وجهان (أحدهما) لا يلزمه لأنها غير محتاجة إلى الكسوة (والثاني) يلزمه أن يكسوها قال الشيخان أبو إسحاق وأبو حامد: وهو الأصح لأن الاعتبار بالكسوة بالمدة لا بالبلاء. ألا ترى أن كسوتها لو بليت قبل وقت بلائها لم يلزمه ابدالها، فإذا بقيت بعد مدة بلائها لم يلزمه ابدالها، ولأنه لو دفع إليها نفقة يوم فلم تأكلها حتى جاء اليوم الثاني لزمه نفقة لليوم الثاني، وإن كانت مستغنية فيه بنفقة اليوم الأول فكذلك في الكسوة مثله وان دفع إليها كسوة مدة فمات أحدهما أو بانت منه قبل انقضائها والكسوة لم تبل، فهل يسترجع من وارثها أو منها؟ فيه وجهان (أحدهما) يسترجع منها، كما لو دفع إليها نفقة ما بعد يوم الموت والبينونة (والثاني) لا يسترجع لأنه دفع الكسوة إليها بعد وجوبها عليه فلم يسترجع منها كما لو دفع إليها نفقة يوم فمات أحدهما أو بانت قبل انقضائه، ويخالف إذا دفع إليها نفقة الشهر، فإنها لا تستحق عليه نفقة ما بعد يوم الموت والبينونة.
فلذلك استرجعت منها (فرع) قال ابن الحداد " إذا دفع إلى امرأته كسوة فأرادت بيعها لم يكن لها ذلك لأنها لا تملكها، ألا ترى أن له ان يأخذها منها ويبدلها بغيرها، ولو دفع إليها طعاما فباعته كان لها ذلك واختلف أصحابنا في ذلك فمنهم من وافق ابن الحداد وقال، لا يصح لها بيع ما يدفع إليها من الكسوة لأنها تستحق عليه الانتفاع بالكسوة وهو استتارها بها فلا تملكها بالقبض كالمسكن. وان أتلفت كسوتها لزمها قيمتها له ولزمه أن