ابن المنذر عموم القرآن، وتخصيص حالة الغضب يحتاج إلى دليل ولا يؤخذ من وجه يلزم. أفاده القرطبي وإن علق الطلاق الثلاث بوطئها لم يؤمر بالفيئة وأمر بالطلاق في قول بعض أصحابنا، لان الوطئ غير ممكن لكونها تبين منه بإيلاج الحشفة، فيصير مستمتعا بأجنبية. وأكثر أصحابنا قالوا تجوز الفيئة، لان النزع ترك للوطئ، وترك الوطئ ليس بوطئ.
وقال بعض أصحاب أحمد: إن كلام أحمد يقتضى روايتين (كهذين الوجهين) وقال ابن قدامة " واللائق بمذهب أحمد تحريمه لوجوه: أحدها أن آخر الوطئ حصل في أجنبية، فإن النزع يلتذ به كما يلتذ بالايلاج، وقد شبه أصحابنا ذلك بمن طلع عليه الفجر وهو مجامع فنزع أنه يفطر، والتحريم ههنا أولى لان الفطر بالوطئ ويمكن منع كون النزع وطئا، والمحرم ههنا الاستمتاع، والنزع استمتاع فكان محرما ولان لمسها على وجه التلذذ بها محرم فليس الفرج بالفرج أولى بالتحريم فإن قيل فهذا إنما يحصل ضرورة ترك الحرام كما لو اختلط لحم خنزير بلحم مباح لا يمكنه أكله إلا بأكل لحم الخنزير حرم، ولو اشتبهت ميتة بمذكاة أو امرأته بأجنبية حرم الكل، وهذا وجه اختاره أبو علي بن خيران. وهو الصحيح من مذهب أحمد، والصحيح عندنا قال المصنف هو المذهب: تجوز الفيئة لان النزع ترك للوطئ، وترك الوطئ ليس بوطئ، فإن وطئ فعليه أن ينزع حين يولج الحشفة ولا يزيد على ذلك، ولا يلبث ولا يتحرك عند النزع لأنها أجنبية فإذا فعل ذلك فلا حد ولا مهر لأنه تارك للوطئ، وإن لبث أو تمم الايلاج فلا حد عليه لتمكن الشبهة منه لكونه وطئا بعضه في زوجته، وفى المهر وجهان (أحدهما) يلزمه، لأنه حصل منه وطئ محرم في محل غير مملوك فأوجب المهر كما لو أولج بعد النزع.
(والثاني) لا يجب، لأنه تابع الايلاج في محل مملوك فكان تابعا له في المهر الأول، وفى إيجابه بالاستدامة يؤدى إلى إيجاب مهرين بإيلاج واحد.
وان نزع ثم أولج - وكانا جاهلين بالتحريم - فلا حد عليهما وعليه المهر لها ويلحقه النسب. وإن كانا عالمين بالتحريم ففيه وجهان (أحدهما) عليهما الحد