وان قال إن أعطيتني ألفا فأنت طالق لم تصح العطية الا على الفور، بحيث يصلح أن تكون جوابا لكلامه لان العطية ههنا هي القبول، ويكفى أن تحضر المال وتأذن في قبضه أخذ أو لم يأخذ، لان اسم العطية يقع عليه وان لم يأخذ، ولهذا يقال أعطيت فلانا مالا فلم يأخذه.
وان قالت طلقني بألف، فقال أنت طالق بألف ان شئت لم يقع الطلاق حتى توجد المشيئة: لأنه أضاف إلى ما التزمت المشيئة فلم يقع الا بها، ولا تصح المشيئة الا بالقول وهو أن تقول على الفور شئت لان المشيئة وإن كانت بالقلب الا أنها لا تعرف الا بالقول، فصار تقديره أنت طالق ان قلت شئت، ويصح الرجوع قبل الضمان وقبل العطية وقبل المشيئة كما يجوز فيما عقد بلفظ المعاوضة.
وإن كان بحرف متى وأي وقت. بأن يقول متى ضمنت لي أو أي وقت ضمنت لي ألفا فأنت طالق جاز أن يوجد الضمان على الفور وعلى التراخي. والفرق بينه وبين قوله إن ضمنت لي ألفا أن اللفظ هناك عام في الزمانين. ولهذا لو قال إن ضمنت لي الساعة أو ان ضمنت لي غدا جاز، فلما اقترن به ذكر العوض جعلناه على الفور قياسا على المعاوضات. والعموم يجوز تخصيصه بالقياس. وليس كذلك قوله متى وأي وقت. لأنه نص في كل واحد من الزمانين صريح في المنع من التعيين في أحد الزمانين. ولهذا لو قال أي وقت أعطيتني الساعة كان محالا.
وما يقتضيه الصريح لا يترك بالقياس.
وان رجع الزوج في هذا قبل القبول لم يصح. لان حكمه حكم الطلاق المعلق بالصفات دون المعاوضات وإن كان بحرف (إذا) بأن قال إذا ضمنت لي ألفا فأنت طالق، فقد ذكر جماعة من أصحابنا أن حكمه حكم قوله إن ضمنت لي في اقتضاء الجواب على الفور وفى جواز الرجوع فيه قبل القبول. وعندي أن حكمه حكم متى. وأي وقت.
لأنه يفيد ما يفيده متى: وأي وقت. ولهذا إذا قال: متى ألقاك جاز أن يقول إذا شئت كما يجوز أن يقول متى شئت وأي وقت شئت بخلاف ان. فإنه لو قال:
متى ألقاك لم يجز أن يقول إن شئت