وبهذا قال أحمد وأصحابه. وبماذا يجب استبراؤها؟ فيه وجهان: أحدهما بثلاثة أقراء، لان الحرة تعتد بثلاثة أقراء كذا هذه. والثاني بقرء واحد لان براءة الرحم تعلم بذلك، فإذا قلنا يستبرئ بثلاثة أقراء كانت أطهارا. وإذا قلنا تستبرئ بقرء ففيه وجهان (أحدهما) أنه الطهر لان القرء عندنا الطهر (والثاني) أنه الحيض لان معرفة براءة الرحم لا تحصل إلا بالحيض، فإذا قلنا إنه الطهر. فإن كانت حائضا وطهرت وطعنت في الحيض الثاني حصل براءة الرحم. وإن كانت طاهرا لم يكن بقية الطهر قرءا حتى يكمل الحيض بعده، لان بعض الطهر لا تحصل به معرفة البراءة فكمل بالحيضة بعده.
وإذا قلنا إنه الحيض، فإن كانت حائضا لم يعتد ببقية الحيض، فإذا طهرت وأكملت الحيضة بعده حصل براءة رحمها. وإن كانت طاهرا فمتى تكمل الحيضة؟
بعده؟ وهل يكفي استبراؤها قبل أن يطلقها؟ فيه وجهان (أحدهما) لا يكفي لان الاستبراء لا يعتد به قبل وجود سببه كالمشتراة (والثاني) يعتد به لان الغرض معرفة براءة رحمها. ولهذا لو كانت صغيرة وقع عليها الطلاق من غير استبراء.
وذلك يحصل باستبرائها قبل الطلاق وإذا استبرأت بثلاثة أقراء أو بقرء - فإن لم تظهر بها أمارات الحمل - حكم بوقوع الطلاق حين حلف، فإن كانت استبرأت بثلاثة أقراء بعد اليمين فقد انقضت عدتها. وان استبرأت بقرء فقد بقي عليها من العدة قرءان، وان ظهر بها الحمل نظرت، فان وضعت لدون ستة أشهر من حين حلف لم يقع الطلاق، فان وضعته لأكثر من أربع سنين من حين حلف حكمنا بأنها كانت حائلا وأن الطلاق وقع عليها، وإن وضعته لستة أشهر فما زاد إلى تمام أربع سنين بأن لم يطأها الزوج بعد الطلاق حكمنا بأن الحمل كان موجودا حين اليمين وان الطلاق لم يقع، وإن كان الزوج قد راجعها بعد الطلاق ووطئها نظرت، فان وضعته لدون ستة أشهر من حين الوطئ علمنا أن الحمل كان موجودا حين حلف وأن الطلاق لم يقع. وان وضعته لستة أشهر فما زاد من وقت الوطئ، ففيه وجهان: قال أبو إسحاق: يقع عليها الطلاق، لان الأصل عدم الحمل وقت اليمين. وقال أبو علي ابن أبي هريرة: لا يقع عليها الطلاق لأنه يحتمل أنه كان موجودا وقت اليمين.