وقال أبو حنيفة: تقع في قوله أكثر الطلاق واحدة بائنة، دليلنا عليه ما ذكرناه في قوله: ملء مكة (مسألة) قوله: وإن قال للمدخول بها أنت طالق طلقة بعدها طلقه الخ.
وهذا كما قال. وكذلك إذا قال للمدخول بها أنت طالق طلقه معها طلقه وقع عليها طلقتان في الحال. وان قال أنت طالق طلقه بعدها طلقه وقع عليها طلقتان لان الجميع صادف الزوجية. وإن قال أردت بقولي بعدها طلقه أوقعها فيما بعد لم يقبل في الحكم لأنه يريد تأخير طلاق واقع في الظاهر. ويدين فيما بينه وبين الله تعالى لاحتمال ما يدعيه وإن قال أنت طالق طلقه قبلها طلقه. قال الشافعي وقع عليها طلقتان.
واختلف أصحابنا في كيفية وقوعها، فحكى الشيخ أبو إسحاق هنا في المهذب والمحاملي أن أبا إسحاق المروزي قال. يقع عليها طلقتان (إحداهما) بقوله أنت طالق والأخرى قبلها بالمباشرة، لان الانسان يملك أن يعلق بالصفة طلاقا فيقع قبل الصفة. كقوله أنت طالق قبل موتى بشهر ثم يموت بعد شهر.
وحكى الشيخ أبو حامد في التعليق أن أبا إسحاق قال يقع عليها طلقه بالمباشرة بقوله أنت طالق، وطلقه بالاخبار أنه طلقها. وقال أبو علي بن أبي هريرة:
يقع عليها طلقتان معا، لأنه لا يتقدم الوقوع على الايقاع. هكذا حكى الشيخ أبو إسحاق الشيرازي عنه وسائر أصحابنا حكوا عنه أنه قال: يقع عليها طلقه بقوله أنت طالق طلقه بعدها. وقوله قبلها طلقه فعلى ما حكاه الشيخ أبو حامد عن أبي إسحاق المروزي يحكم عليه بوقوع الطلقة التي باشرها ظاهرا وباطنا وان قال: أردت بقولي قبلها طلقه في نكاح كنت نكحتها قبل هذا النكاح وطلقتها فيه، فإن كان لما قاله أصل قبل منه، وان لم يكن له أصل لم يقبل منه ويدين فيما بينه وبين الله تعالى وان قال أنت طالق طلقه قبلها وبعدها طلقه وقع عليها ثلاث طلقات، لان كل واحدة من النصفين يسرى، وحكى المحاملي من أصحابنا من قال: لا يقع عليها الا طلقتان. وليس بشئ