وان قال أنت طالق ثلاثا الا طلقتين وطلقة ففيه وجهان أحدهما يقع الثلاث لأنه استثنى ثلاثا من ثلاث (والثاني) تقع طلقه لان الاستثناء الثاني هو الباطل فسقط وبقى الاستثناء الأول.
وان قال أنت طالق ثلاثا الا نصف طلقه، طلقت ثلاثا لأنه يبقى طلقتان ونصف ثم يسرى النصف إلى الباقي فيصير ثلاثا. وان قال أنت طالق ثلاثا الا طلقة وطلقة وقعت طلقه. لان المعطوف على الاستثناء مضموم إلى الاستثناء، ولهذا إذا قال: له على مائه الا خمسة وعشرين ضمت الخمسة إلى العشرين في الاستثناء ولزمه ما بقي.
وان قال أنت طالق طلقه وطلقة الا طلقة ففيه وجهان (أحدهما) تطلق طلقه لان الواو في الاسمين المنفردين كالثنية فيصير كما لو قال أنت طالق طلقتين الا طلقه (والثاني) وهو المنصوص انها تطلق طلقتين لان الاستثناء يرجع إلى ما يليه وهو طلقه، واستثناء طلقه من طلقه باطل فسقط وبقى طلقتان، وان قدم الاستثناء على المستثنى منه بأن قال أنت الا واحدة طالق ثلاثا، فقد قال بعض أصحابنا انه لا يصح الاستثناء فيقع الثلاث، لان الاستثناء جعل لاستدراك ما تقدم من كلامه، ويحتمل عندي انه يصح الاستثناء فيقع طلقتان، لان التقديم والتأخير في ذلك لغة العرب قال الفرزدق يمدح هشام بن إبراهيم بن المغيرة خال هشام بن عبد الملك:
وما مثله في الناس الا مملكا * أبو أمه حي أبوه يقاربه تقديره وما مثله في الناس حي يقاربه الا مملكا أبو أمه أبو الممدوح (الشرح) بيت الفرزدق الذي ساقه المصنف من قصيدة من الطويل يمدح بها إبراهيم بن هشام بن إسماعيل المخزومي خال هشام بن عبد الملك بن مروان، ويستعمل هذا البيت عند البلاغيين شاهدا في أساليب التعقيد، وهو أن لا يكون الكلام ظاهر الدلالة على المراد، اما لخلل في نظم الكلام فلا يتوصل منه إلى معناه، أو لانتقال الذهن من المعنى الأول إلى المعنى الثاني الذي هو لازمه، والمراد به ظاهرا، والأول هو الشاهد في البيت. والمعنى فيه: وما مثله يعنى