بمشيئة الله ونحن لا نعلمها، والمشهور هو الأول وان قال: أنت طالق الا أن يشاء الله ففيه وجهان.
(أحدهما) لا يقع عليها الطلاق، لأنه علق الطلاق بمشئية الله فلم يقع، كما لو قال: إن شاء الله.
(والثاني) وهو المذهب: أنه يقع الطلاق، لأنه أوقع الطلاق، وإنما علق رفعه بمشيئة الله، ومشيئة الله لا تعلم فثبت الايقاع وبطل الرفع.
(فرع) ولا يصح الاستثناء الا إن كان متصلا بالكلام لان هذا هو العرف في الاستثناء، فان انفصل لضيق نفس كان كالمتصل لان انفصاله لعذر، ولا يصح الا ان قصد بالنية، والتقييد بمشيئة الله مانع من الوقوع، وقد ذهب إلى ذلك الجمهور، وادعى عليه ابن العربي الاجماع قال: أجمع المسلمون على أن قوله: إن شاء الله يمنع انعقاد اليمين بشرط كونه متصلا، قال: ولو جاز منفصلا كما روى بعض السلف لم يحنث أحد قط في يمين ولم يحتج إلى كفارة، قال: واختلفوا في الاتصال، فقال مالك والأوزاعي والشافعي والجمهور: هو أن يكون قوله: إن شاء الله متصلا باليمين من غير سكوت بينهما ولا يضر سكتة النفس.
وعن طاوس والحسن وجماعة من التابعين أن له الاستثناء ما لم يقم من مجلسه وقال قتادة: ما لم يقم أو يتكلم. وقال عطاء: قدر حلبة ناقة. وقال سعيد بن جبير: يصح بعد أربعة أشهر، وعن ابن عباس: له الاستثناء أبدا، ولا فرق بين الحلف بالطلاق والحلف بالله أو الحلف بالعتاق، واستثنى أحمد رضي الله عنه العتاق قال: لحديث " إذا قال: أنت طالق إن شاء الله لم تطلق، وان قال لعبده:
أنت حر إن شاء الله فإنه حر " وقد تفرد به حميد بن مالك وهو مجهول كما قال البيهقي، وذهب الهادوية إلى أن التقييد بالمشيئة يعتبر فيه مشيئة الله في تلك الحال باعتبار ما يظهر من الشريعة، فإن كان ذلك الامر الذي حلف على تركه وقيد الحلف بالمشيئة محبوبا لله فعله لم يحنث بالفعل، وإن كان محبوبا لله تركه لم يحنث بالترك، فإذا قال: والله ليتصدقن إن شاء الله حنث بترك الصدقة، لان الله يشاء التصدق في الحال، وان حلف ليقطعن رحمه إن شاء الله لم يحنث بترك القطع لان الله تعالى يشاء ذلك الترك.