من العلماء ودليل كل فريق منهم مما أثبتناه في مظانه ومواطنه من شرح المهذب، فإذا ثبت هذا: فإن الطلاق يقع على كل زوجة كبيرة كانت أو صغيرة عاقلة كانت أو مجنونة، مدخول بها كانت أو غير مدخول بها لعموم الآية والاجماع وينقسم الطلاق على أربعة أضرب، واجب ومستحب ومكروه ومحرم، فأما الواجب فهو طلاق الحكمين عند شقاق الزوجين - إذا قلنا: إنهما حكمان - وكذلك طلاق المولى إذا انقضت مدة الايلاء وامتنع من الفئ على ما سيأتي في الايلاء وأما المستحب فأن تقع الخصومة بين الزوجين وخافا أن لا يقيما حدود الله، فيستحب له أن يطلقها، لما روى أن رجلا قال: يا رسول الله إن امرأتي لا ترد يد لامس فقال: طلقها، فقال: إني أحبها، قال: أمسكها.
وأما المكروه فأن تكون الحال بينهما مستقيمة ولا يكره شيئا من خلقها ولا دينها، فيكره أن يطلقها، لقوله صلى الله عليه وسلم أبغض الحلال إلى الله الطلاق. وأما المحرم فهو طلاق المرأة المدخول بها في الحيض أو في الطهر الذي جامعها فيه قبل أن يتبين حملها، ويسمى طلاق البدعة، لقوله تعالى " فطلقوهن لعدتهن " أي لوقت عدتهن، ووقت العدة هو الطهر، كما روينا أن ابن عمر طلق امرأته وهي حائض فسأل عمر النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال: مره فليراجعها ثم ليمسكها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر، فإن أراد أن يطلقها فليطلقها حين تطهر قبل أن يجامعها، فتلك العدة التي أمر الله أن تطلق لها النساء.
وفى رواية " مره فليراجعها ثم ليطلقها طاهرا أو حاملا " ولأنه إذا طلقها في حال الحيض أضر بها في تطويل العدة، وإذا طلقها في حال الطهر الذي جامعها فيه قبل أن يتبين حملها ربما كانت حاملا فيندم على مفارقتها - فإن كانت غير مدخول بها وطلقها في الحيض - لم يكن طلاق بدعة لأنه لا عدة عليها، وإن طلق الصغيرة أو الآيسة في الطهر الذي جامعها فيه لم يكن طلاق بدعة: لأنها لا تحبل فيندم على مفارقتها، وإن طلقها وهي حامل في الطهر الذي جامعها فيه لم يكن طلاق بدعة لقوله صلى الله عليه فليطلقها طاهرا أو حاملا. فان رأت الدم على الحمل - فان قلنا: إنه ليس بحيض - فليس بطلاق بدعه، وإن قلنا: إنه