ويحتمل أن يكون لما رأى في القرآن (فطلقوهن لعدتهن) ويحتمل أن يكون سمع من النبي صلى الله عليه وسلم النهى فجاء ليسأل عن الحكم عبد ذلك. وقوله:
(مره فليراجعها).
قال ابن دقيق العبد: يتعلق بذلك مسألة أصولية وهي أن الامر بالامر بالشئ هل هو أمر بذلك الشئ أو لا؟ فان النبي صلى الله عليه وسلم قال لعمر:
مره، والمسألة معروفة في كتب الأصول والخلاف فيها مشهور. وفى لفظ لأبي داود وأحمد والنسائي عن ابن عمر أيضا " أنه طلق امرأته وهي حائض، فردها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولو لم يرها شيئا، وقال: إذا طهرت فليطلق أو ليمسك ".
وقد تضمن الحكم بموجب هذه الأخبار أن الطلاق على أربعة أوجه، حلالان وحرامان، فالحلالان أن يطلق امرأته طاهرا من غير جماع أو يطلقها حاملا مستبينا حملها. والحرامان أن يطلقها وهي حائض أو يطلقها في طهر جامعها فيه هذا في طلاق المدخول بها، أما من لم يدخل بها فيجوز طلاقها حايضا وطاهرا كما قال تعالى " لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة ".
وقال ابن القيم في زاد المعاد تضمنت النصوص أن المطلقة نوعان، مدخول بها وغير مدخول بها، وكلاهما لا يجوز تطليقها ثلاثا مجموعة، ويجوز تطليق غير المدخول بها طاهرا وحائضا، وأما المدخول بها فإن كانت حائضا أو نفساء حرم طلاقها، وإن كانت طاهرا، فإن كانت مستبينة الحمل جاز طلاقها بعد الوطئ وقبله، وإن كانت حائلا لم يجز طلاقها بعد الوطئ في طهر الإصابة، ويجوز قبله هذا الذي سرعه الله على لسان رسوله من الطلاق.
وأجمع المسلمون على وقوع الطلاق الذي أذن الله فيه وأباحه إذا كان من مكلف مختار عالم بمدلول اللفظ قصد له، واختلفوا في وقوع المحرم من ذلك وفيه مسألتان.
(الأولى) الطلاق في الحيض أو في الطهر الذي واقعها فيه.
(المسألة الثانية) في جمع الثلاث، ثم ذكر المسألتين تفصيلا ورأي كل جماعة