من تأويله لمعنى " ولم يرها شيئا " وكذلك الخطابي وغيره ممن ذكرنا أفضل وأخرى من الترجيح المتعذر. قال ابن حجر وهو متعين - يعنى الجمع - وهو أولى من تغليط بعض الثقات.
وذهب القائلون بعدم الوقوع إلى الاستدلال بقوله تعالى " يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن " والمطلق في حال الحيض أو الطهر الذي وطئ فيه لم يطلق بتلك العدة التي أمر الله بتطليق النساء لها كما صرح بذلك في الحديث المذكور. وقد تقرر في الأصول أن الامر بالشئ نهى عن ضده، والمنهى عنه نهيا لذاته أو لجزئه أو لوصفه اللازم يقتضى الفساد، والفساد لا يثبت حكمه.
ومنها قوله تعالى " فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان " وليس أقبح من التسريح الذي حرمه الله ومنها قوله تعالى " الطلاق مرتان " ولم يرد إلا المأذون فيه " فدل على أن ما عداه ليس بطلاق لما في هذا التركيب من الحصر، أعني تعريف المسند إليه باللام الجنسية.
قلت. وهذه كلها أدلة احتمالية وليست قاطعة حاسمة في موطن النزاع، وكما قلنا الجمع أحرى بأهل الاحتياط.
وحديث محارب بن دثار يؤخذ على المصنف روايته هكذا بالارسال، لان محارب بن دثار من الطبقة الرابعة من التابعين وهو من علماء الكوفة وشهد بيعة معاوية وكان معه، ولعل المصنف عول على ترجيح أبى حاتم والدارقطني والبيهقي الارسال. وقد رويناه في سنن أبي داود وابن ماجة والحاكم وصححه عن ابن عمر، وفى الرواية المتصلة يحيى بن سليم وفيه مقال، والرواية المرسلة في إسنادها عبد الله بن الوليد الوصافي، وهو ضعيف، ولكنه قد تابعه معرف بن الواصل. ولفظ هذه الروايات كلها " أبغض الحلال إلى الله عز وجل الطلاق " ورواه الدارقطني عن معاذ بلفظ " ما خلق الله شيئا أبغض إليه من الطلاق " قال الحافظ بن حجر واسناده ضعيف ومنقطع، وأخرج ابن ماجة وابن حبان من حديث أبي موسى مرفوعا " ما بال أحدكم يلعب بحدود الله يقول قد طلقت قد راجعت " وحديث أبي هريرة متفق عليه عند البخاري وأحمد ومسلم والحديث الأول فيه دليل على أن ليس كل حلال محبوبا، بل ينقسم إلى ما هو