أما الأحكام فإن الخلع ينقسم إلى ثلاثة أقسام. مباحان ومحظور، فأحد المباحين إذا كرهت المرأة خلق الزوج أو خلقه أو دينه وخافت أن لا تؤدى حقه فبذلت له عوضا ليطلقها جاز ذلك وحل له أخذه بلا خلاف، لقوله تعالى " فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به " ولما رواه الشافعي وغيره من خبر حبيبة بنت سهل وكانت تحت قيس بن ثابت بن شماس إلى آخر الحديث وقال الشيخ أبو إسحاق الشيرازي هنا في المهذب جميلة بنت سهل. وروى أن الربيع بنت معوذ بن عفراء أن جميله بنت عبد الله بن أبي اختلعت على عبد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
القسم الثاني، من المباح أن تكون الحال مستقيمة بين الزوجين ولا يكره أحدهما الآخر فتراضيا على الخلع فيصح الخلع، ويحل للزوج ما بذلت له، وبه قال مالك وأبو حنيفة وأكثر أهل العلم الضرب الثالث، هو أن يضربها أو يخوفها بالقتل أو يمنعها النفقة والكسوة لتخالعه، فهذا محظور لقوله تعالى " ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة " والعضل المنع، فإن خالعته في هذه الحال وقع الطلاق ولا يملك الزوج ما بذلته على ذلك - فإن كان بعد الدخول - كان رجعيا، لان الرجعة إنما سقطت لأجل ملكه المال، فإذا لم يملك المال كان له الرجعة، فإن ضربها للتأديب للنشوز فخالعته عقب الضرب صح الخلع، لان ثابت بن قيس كان قد ضرب زوجته فخالعته مع علم النبي صلى الله عليه وسلم ولم ينكر عليها ولان كل عقد صح قبل الضرب صح بعده، كما لو حد الامام رجلا ثم اشترى منه شيئا عقيبه.
قال الطبري، وهكذا لو ضربها لتفتدى منه فافتدت نفسها منه عقبيه طائعة صح ذلك لما ذكرناه.
وإن زنت فمنعها حقها لتخالعه فخالعته فقيه قولان (أحدهما) أنه من الخلع المباح، لقوله تعالى " ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة " فدل على أنها إذا أتت بفاحشة جاز عضلها