وأعظم من المفسدة المرتبة على تركها، أو كانت المصلحة في ترك التقية أعظم من المصلحة المترتبة على فعلها، كما إذا علم بأنه إن عمل بالتقية ترتب عليه اضمحلال الحق، واندراس الدين الحنيف، وظهور الباطل، وترويج الجبت والطاغوت، وإذا ترك التقية ترتب عليه قتله فقط، أو قتله مع جماعة آخرين، ولا اشكال حينئذ في أن الواجب ترك العمل بالتقية، وتوطين النفس للقتل، لأن المفسدة الناشئة عن التقية أعظم وأشد من مفسدة قتله...
ثم يقول (رحمة الله): ولعله من هنا أقدم الحسين (ع) وأصحابه (رضوان الله عليهم) لقتال يزيد بن معاوية [عليهما اللعنة] وعرضوا أنفسهم للشهادة، وتركوا التقية عن يزيد [لعنه الله] وكذا بعض أصحاب أمير المؤمنين (ع) بل بعض علمائنا الأبرار (قدس الله أرواحهم) وجزاهم عن الاسلام خيرا كالشهيدين وغيرهما)) : التقية المحرمة ما إذا كان الشخص بحيث لو عمل على طبقها لم يتوجه الضرر إلى شخصه، ولكن يوجد في التقية ضرر عام، أهم، يترتب على ذلك، مثل الفساد في الدين، ومجتمع المسلمين، أو يستمر الفساد فيهما، بحيث يعلم أن الشارع لا يرضى بوجود هذه المفسدة، واستمرارها، ففي مثل ذلك لا يجوز فعل التقية. والتقية الواجبة على العكس من ذلك، يترتب على رعايتها الخلاص من المفسدة، ولم يكن في تركها والعمل بالوظيفة الأولية إلا مصلحة غير لازمة الاستيفاء، وفي هذه الصورة تكون التقية غير واجبة، وأما قضية الحسين (ع) فكانت المصلحة في شهادته بيد الأعداء والمتربعين على كرسي الخلافة، حيث أفسد عليهم الأمر، بحيث لو لم يفعل لما ترتب