الميراث بشئ يدفعه إليه فإن هذا الصلح فرع البيع تعتبر فيه شرائط البيع فما جاز في البيع جاز فيه، وما لم يجز فيه لم يجز فيه إلا أنه يصح بلفظ الصلح، ومن شرط صحة البيع أن يكون المبيع معلوما فيجب أن يعلما قدر نصيب البائع من التركة وقدر جميع التركة ويشاهداها جميعا، فإذا صار معلوما لهما وعرفا العوض الذي يبذله في مقابلة حقه من التركة فإذا صار ذلك أيضا معلوما صح الصلح وملك كل واحد منهما حق صاحبه بالنقد أو بالعقد وانقطاع خيار المجلس على ما بيناه في كتاب البيوع.
ويقوى في نفسي أن يكون هذا الصلح أصلا قائما بنفسه، ولا يكون فرع البيع فلا يحتاج إلى شروط البيع واعتبار خيار المجلس على ما بيناه فيما مضى.
ويجوز الصلح على الإنكار، وصورته أن يدعي على رجل عينا في يده أو دينا في ذمته فأنكر المدعى عليه ثم صالحه منه على مال اتفقا عليه، ويصح الصلح ويملك المدعي المال الذي يقبضه من المدعى عليه، وليس له أن يرجع فيطالبه به، ولا يجب على المدعي رده عليه، وتسقط دعوى المدعي فيما ادعاه، وإن كان قد صرح بإبرائه مما ادعاه وإسقاط حقه عنه كان صحيحا.
وإذا كان لرجل على غيره ألف درهم وأبرأه من خمس مائة درهم وقبض الباقي فاستحقه رجل فإنه يرد على المستحق، وليس له أن يرجع فيما أبرأه لأنه لم يكن مشروطا بسلامة الباقي له وملكه إياه، فاستحقاقه عليه لا يقدح فيما أبرأه منه.
إذا ادعى رجل على رجل دينا في ذمته أو عينا في يده فأنكر فجاء رجل إلى المدعي وصدقه وصالحه منه على شئ يبذله له فلا يخلو من أحد أمرين:
إما أن يكون ذلك في دعوى دين أو في دعوى عين، فإن كان في دعوى دين فلا يخلو من أحد أمرين: إما أن يصالحه للمدعى عليه أو لنفسه.
فإن صالحه للمدعى عليه صح الصلح سواء كان ما أعطاه من جنس دينه أو من غير جنسه، ولا فرق بين أن يكون باذنه أو بغير إذنه، لأنه إذا كان باذنه فقد وكله في الصلح والتوكيل يصح فيه، وإن كان بغير إذنه فيكون قد قضى دين