طلبوا بيمينه لا يحلف لأنه طعن في البينة، وإن شهدت البينة بإعساره في الحال من غير أن يقول: كان له مال فتلف، فإنه ينظر: فإن كان من أهل المعرفة الباطنة والخبرة المتقادمة قبلت وثبت إعساره لأن الظاهر أنها تعرف ذلك، وإن لم تكن من أهل المعرفة الباطنة لم تقبل هذه الشهادة لأن الإعسار بالمال والعدم لوجوده لا يعرفه كل أحد، وإنما يختص بمعرفته من يكون له صحبة قديمة ومعرفة بالباطن وكيدة.
وإذا ثبت أن البينة تسمع على الإعسار فإنها تسمع في الحال ولا يجب تأخيرها لما روي عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه كان يحبس في الدين فإذا تبين له الإعسار خلي سبيله، هذا إذا عرف له أصل مال.
فإن لم يعرف له أصل مال ويكون الدين قد ثبت عليه أرشا بجناية جناها أو مهرا لامرأة تزوجها، فإذا ادعى العسرة كان القول قوله مع يمينه لأن الأصل عدم المال لأنه يخلق كذلك معسرا ثم يرزقه الله والغنى طارئ يحتاج إلى دلالة.
وإذا أقام المفلس البينة على إعساره فهل يجب عليه اليمين مع ذلك؟ قيل فيه وجهان، أقواهما أن عليه اليمين لأنه يجوز أن يكون له مال باطن لا تعرفه الشهود، وإذا ثبت هذا وحكم الحاكم بإعساره وقسم المال الذي ظهر بين غرمائه وجب إطلاقه وتخليته، وهل ينفك الحجر بذلك أو يحتاج إلى حكم الحاكم به؟ قيل فيه وجهان:
أحدهما - وهو الصحيح -: أنه ينفك حجره لأن الحجر تعلق بالمال فإذا قسم المال بين الغرماء زال سبب الحجر.
والآخر: لا ينفك الحجر إلا بحكم الحاكم لأنه ثبت بحكمه فلا يزول إلا بحكمه مثل حجر السفه.
وإذا ثبت إعساره وخلاه الحاكم لم يجز للغرماء ملازمته إلى أن يستفيد المال لقوله تعالى: " وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة ".
إذا ادعى الغرماء أنه أفاد مالا سأله الحاكم عن ذلك فإن أنكر كان القول