من اشترى دقيقا فأطعمه عبدا له حتى كبر وسمن ثم أفلس بثمن الدقيق فإنه لا حق لصاحب الدقيق في عين العبد لأنه ليست له عين مال موجودة ويضرب بثمنه مع سائر الغرماء، وعلى هذا لو اشترى بيضة وتركها تحت دجاجة حتى حضنتها وصارت فروخا لا يرجع بعينها ويضرب بثمنها مع الغرماء.
وأما الكلام في جنسه فإن الإنسان إذا ركبته الديون لا يخلو من أحد أمرين:
إما أن يكون في يده مال ظاهر أو لا يكون له في يده مال ظاهر.
فإن كان في يده مال ظاهر وجب عليه أن يبيعه ويقضي به ديونه من ثمنه، فإن امتنع من ذلك فالحاكم فيه بالخيار إن شاء حبسه على ذلك وعزره إلى أن يبيعه وإن شاء باعه بنفسه عليه من غير استئذانه، لقول النبي صلى الله عليه وآله:
مطل الغني ظلم، وقوله: لي الواجد بالدين يحل عرضه وعقوبته - اللي:
المطل -، والعقوبة هاهنا التعزير والحبس، وإخلال الغرض أن يقول الغرماء له:
يا ظالم، وروي عنه صلى الله عليه وآله أنه قال: لصاحب الحق اليد واللسان، وكل هذا يدل على وجوب بيع ماله وقضاء ديونه، وأخبارنا في ذلك أوردناها في كتب الأخبار.
وإن لم يكن له مال ظاهر وادعى الإعسار وكذبه الغرماء فلا يخلو: إما أن يعلم أنه كان له أصل مال أو كان الذي عليه ثبت من جهة معاوضته وادعى تلفه وضياعه أو لا يعلم له أصل مال.
فإن كان قد علم له أصل مال فإن القول قول الغرماء مع أيمانهم لأن الأصل بقاء المال، والمفلس يدعي ضياعه فعليه البينة فإن حلفوا أثبتوا غناه ووجب حبسه إلى أن يظهر ماله، وإن قال: لي بينة أحضرها، فإن بينته تسمع وتكون مقدمة على أيمان الغرماء لأن الشهادة بينة أقوى من اليمين.
فإذا ثبت هذا فإن شهدت البينة على تلف ماله وضياعه قبل ذلك، ويثبت إعساره سواء كان الشهود من أهل المعرفة الباطنة والخبرة المتقادمة أو لم يكونوا لأن تلف المال أمر مشاهد مرئي فلا يفتقر إلى معرفة الشهود به وبباطن أمره، وإن