إذا باع من رجل مكيالا من زيت أو شيرج أو غيره ثم أفلس المشتري بالثمن ووجد البائع عين زيته قد خلطه المشتري بزيت له فإنه لا يخلو من ثلاثة أحوال: إما أن يخلطه بمثله أو بأردأ منه أو بأجود منه.
فإن خلطه بمثله فإنه لا يسقط حقه من عين الزيت ولا يمنع من طلب قسمته وتوفية حقه إذا اختار المقاسمة، وقيل: إنه يباع الزيت كله ويدفع إليه ما يخصه من الثمن بقدر زيته، فمن قال: لا يباع، فإنه يقسم بينهما على قدر حقهما، ومن قال:
يباع، سلم إليه قدر حقه من ثمنه.
فإن كان الزيت الذي خلطه أردأ من زيته فإنه يتعلق قيمته ويجوز له أن يطالب بقسمته لأن من له زيت جيد واختار أن يأخذ دونه كان له ذلك، وإن اختار البيع والمقاسمة بالثمن كان له ذلك لأنه لو أجبر على المقاسمة أعطي دون حقه، وذلك لا يجوز، فيباع الزيت ويدفع إليه من الثمن بقدر ما يساوي زيته ويسلم الباقي إلى الغرماء.
وإن كان الزيت الذي اختلط به أجود من زيته فهل يسقط حقه من عينه أم لا؟ قيل فيه وجهان:
أحدهما: أنه يسقط حقه، وهو الصحيح.
والثاني: لا يسقط.
ووجه الأول أن عين زيته تالفة لأنها ليست بموجودة من طريق المشاهدة ولا من طريق الحكم لأنه ليس له أن يطالبه بقسمته، وإذا لم يكن موجودا من الوجهين كان له ذلك بمنزلة التالف، ولا حق له في العين، ويضرب بدينه مع الغرماء، ومن قال بالقول الثاني قال: يباع الزيتان معا، ويؤخذ ثمنه فيقسم بينهما على قدر قيمة الزيتين، وقيل: إنه لا يباع الزيت لكن يدفع إلى البائع الذي زيته دون زيت المفلس من جملة الزيت بقدر ما يخصه، مثل أن يكون للبائع جرة تساوي دينارين واختلطت بجرة للمفلس تساوي أربعة دنانير فإن جملة الزيت تساوي ستة دنانير فتكون قيمة جرة البائع ثلث قيمة جميع الزيت فيدفع إليه ثلث