يجبرون على قبول القسمة وأخذ الثمرة، قال: إذا أخذوها وجب عليهم تسليمها إلى البائع لأنهم أقروا بأن هذه الثمرة له فلم يكن لهم إمساكها معهم، هذا إذا كانت الثمرة من جنس ديون الغرماء.
فأما إذا لم تكن من جنس ديونهم فإنها تباع ويدفع ثمنها إلى المفلس ولا يحل للغرماء أن يأخذوا من ثمنها شيئا لأنهم أقروا بأن الثمرة للبائع فلم يصح بيعها ولم يملك المفلس ثمنها، ولو أخذوه لم يحل للبائع مطالبتهم به لأن حقه إنما هو عين الثمرة، فأما ثمنها فليس بحق له فلم يجز له أخذها، هذا إذا صدقوه الغرماء أو كذبوه.
فأما إذا صدقه بعضهم وكذبه بعضهم، فإنه ينظر في من صدقه من الغرماء:
فإن كان فيهم عدلان كان الحكم على ما بيناه، وإن كان عدل واحد حلف البائع معه على ما مضى بيانه، وإن لم يكن في جملة المصدقين عدل جعلنا القول قول المفلس يحلف ويحكم له بالثمرة، فإذا أراد قسمتها بين الغرماء فهل يقسمها بين جميعهم أو يخص بها من صدقه منهم دون من كذبه؟ فالصحيح أنه يقسمها بين من لم يصدق البائع، وفي الناس من قال: إن للمفلس أن يقسم بين الجميع.
فإذا قلنا: يخص به من صدقه، لم يجز للبائع أن يرجع على مكذبيه بما أخذوا من الثمرة، ومن قال: يقسم بين جميعهم، قال: للبائع أن يرجع على من صدقه منهم فيأخذ ما أصابه من الثمرة لأنه أقر بأنها له ولا يرجع على من لم يصدقه بشئ، هذا إذا ادعى عليه الثمرة فكذبه.
فأما إذا ادعى عليه فصدقه المفلس فإن الغرماء لا يخلون من أحد أمرين: إما أن يصدقوا المفلس أو لا يصدقوه، فإن صدقوه حكم بالثمرة للبائع، وإن لم يصدقوا المفلس وقالوا: واطأت البائع على هذه الدعوى لتقتسموا الثمرة ويبطل حقنا منها، فهل يصح إقراره أم لا؟ قيل فيه قولان، وجملته ثلاث مسائل فيها قولان:
إحداها: إقرار المفلس بعين في يده لغيره.