وقال الباقون من أصحاب الشافعي: إذا خلف وفاء للديون، لم يكن لأحد أن يأخذ عين ماله، وإنما له ذلك إذا لم يخلف غيره، عكس ما قلناه.
دليلنا: إجماع الفرقة.
وأيضا روى محمد بن علي بن محبوب، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن أبي ولاد قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل باع من رجل متاعا إلى سنة، فمات المشتري قبل أن يحل ماله، وأصاب البائع متاعه بعينه، أله أن يأخذه إذا تحقق له؟، قال: فقال: إن كان عليه دين وترك نحوا من مقدار ما عليه، فليأخذ إن تحقق له، فإن ذلك حلال له، وإن لم يترك نحوا من دينه، فإن صاحب المتاع كواحد ممن له عليه شئ، يأخذ بحصته، ولا سبيل له على المتاع.
مسألة 3: إذا باع شقصا من أرض، أو دار، ولم يعلم شريكه بالبيع حتى فلس المشتري، فلما سمع جاء يطالبه بالشفعة، فإنه يستحق الشفعة، ويؤخذ ثمن الشقص منه، فيكون بينه وبين الغرماء الباقين.
وللشافعي فيه ثلاثة أقوال:
أحدها: وهو الصحيح عند أصحابه، مثل ما قلناه.
والثاني: أن البائع أحق بعين ماله، ولا حق للشفيع ولا لسائر الغرماء.
والثالث: أن الشفيع يأخذ الشقص بالشفعة، ويؤخذ منه الثمن، فيخص به شريكه البائع، ولا حق للغرماء فيه.
دليلنا: أن المشتري إذا فلس، انتقل الملك عنه إلى حق الغرماء، فلم يكن عين المبيع قائما، فلا يكون البائع أحق به، لأن حق الشفيع ثابت على المشتري حين العقد، فيؤخذ ثمنه منه، فيكون أسوة للغرماء، ولا يكون أحق بالثمن، لأن الحق إنما يثبت له في عين ماله، فأما في ثمنه فلا دلالة على ذلك.