وقولنا: من شرطه مقارنة النية له فعلا أو حكما، معناه أن يفعل النية في الوقت الذي يجب فعلها فيه، وحكما أن يكون ممسكا عن جميع ذلك، وإن لم يفعل النية، كالنائم طول شهر رمضان والمغمى عليه فإنه لا نية لهما، ومع ذلك يصح صومهما وكذلك من أمسكه غيره عن جميع ما يجب إمساكه يكون في حكم الصائم إذا نوى وإن لم يكن في الحقيقة ممتنعا، لأنه لا يتمكن منها.
ومن شرط وجوبه كمال العقل والطاقة والبلوع، وليس الإسلام شرطا في الوجوب، لأن الكافر عندنا يجب عليه العبادات الشرعية، وإن لم يكن مسلما إلا أنه لا يلزمه القضاء متى أسلم، لأن القضاء فرض ثان من شرطه الإسلام.
وأما المرتد عن الإسلام إذا رجع، فإنه يلزمه قضاء الصوم، وجميع ما فاته من العبادات في حال ارتداده، لأنه كان بحكم الإسلام لالتزامه له أولا فلأجل ذلك وجب عليه القضاء فأما إن ارتد ثم عاد إلى الإسلام قبل أن يفعل ما يفطره فلا يبطل صومه بالارتداد لأنه لا دليل عليه.
وأما كمال العقل، فإنه شرط في وجوبه عليه لأن من ليس كذلك لا يكون مكلفا من المجانين والبله، ولا فرق بين أن لا يكون كامل العقل في الأصل أو يزول عقله فيما بعد في أن التكليف يزول عنه، اللهم إلا أن يزول عقله بفعل يفعله على وجه يقتضي زواله بمجرى العادة فإنه إذا كان كذلك لزمه قضاء جميع ما يفوته في تلك الأحوال وذلك مثل السكران وغيره فإنه يلزمه قضاء ما فاته من العبادات كلها، وإن كان جنى جناية زال معها عقله على وجه لا يعود، بأن يصير مجنونا مطبقا فإنه لا يلزمه قضاء ما يفوته.
وأما إذا زال عقله بفعل الله مثل الإغماء والجنون وغير ذلك فإنه لا يلزمه قضاء ما يفوته في تلك الأحوال، فعلى هذا إذا دخل عليه شهر رمضان وهو مغمى عليه أو مجنون أو نائم، وبقى كذلك يوما أو أياما كثيرة أفاق في بعضها أو لم يفق، لم يلزمه قضاء شئ مما مر به إلا ما أفطر فيه أو طرح في حلقه على وجه المداواة له فإنه يلزمه حينئذ القضاء، لأن ذلك لمصلحته ومنفعته، وسواء أفاق