شئ من المهر لأنه ما غر المرأة ولا ادعى الوكالة في العقد، بخلاف المسألة الأولة التي قلنا فيها: يلزمه نصف مهرها لأنه غرها بقوله: قد وكلني فلان على العقد عليك، ولم يكن له بينة بذلك فلزمه المهر لأنه حينئذ غرها، على ما وردت الأخبار بذلك فافترق الأمران.
فإن عقد له على التي أمره بالعقد عليها، ثم أنكر الموكل أن يكون أمره بذلك ولم يقم للوكيل بينة بوكالته بالعقد، لزم الوكيل أيضا نصف المهر المسمى ولم يلزم الموكل شئ وجاز للمرأة أن تتزوج بعد ذلك، غير أنه لا يحل للموكل إن كان وكله في العقد عليها فيما بينه وبين الله تعالى إلا أن يطلقها ويغرم لها نصف المسمى، لأن العقد يكون قد ثبت عليه، وهذا أمر راجع إليه ومنكر لا يعلمه غيره فيجب عليه إزالته وإنكاره.
وقال شيخنا أبو جعفر في نهايته: في جميع ذلك يلزم الوكيل المهر، وأطلق القول بذلك ولم يقل:
نصف المهر، وفي مبسوطه يقول بنصف المهر وكذلك في تهذيب الأحكام على ما وردت الأخبار، وقوله في نهايته: لزمه المهر، فكأنه أراد المستحق عليه بعد تخلية المرأة وجواز العقد عليها لغيره فهو بمنزلة الطلاق قبل الدخول، فأقام إنكاره التوكيل على العقد ودفعه النكاح مقام الطلاق ولو قيل في ذلك: إن الوكيل يلزمه المهر المسمى كملا لأنه يجب بالعقد جميعه ويسقط نصفه بالطلاق قبل الدخول بغير خلاف بين الأمة، لكان قويا ظاهرا وهذا لم يطلق قبل دخوله فيسقط عنه نصفه، وبهذا أفتى وعليه اعتمد لأنه الذي تقتضيه أصولنا وتشهد به أخبارنا وأدلتنا.
ومن وكله غيره في أن يطلق عنه امرأته جاز طلاق الوكيل سواء كان الموكل حاضرا أو غائبا، على الصحيح من المذهب لأنه لا خلاف بين المسلمين في جواز الوكالة للحاضر والغائب في جميع ما يجوز الوكالة فيه، فمن خصص ذلك يحتاج إلى دليل.
وقال شيخنا في نهايته: ومن وكل غيره في أن يطلق عنه امرأته وكان غائبا جاز طلاق الوكيل وإن كان شاهدا لم يجز طلاق الوكيل، وهذا خبر واحد أورده في نهايته إيرادا لا اعتقادا على ما كررنا القول في ذلك وهو من أضعف أخبار الآحاد راويه جعفر بن سماعة وهو فطحي المذهب لم يورد شيخنا في الاستبصار غيره مخالف لجميع الأخبار التي أوردها في الكتاب