هذا التحرير لا غرر فيما أورده، وقوله رحمه الله: لا دليل على صحة هذه الوكالة في الشرع، باطل لأن الدليل حاصل وهو إجماع أصحابنا المنعقد على صحة ذلك، وهو أيضا قائل به في نهايته، والأخبار المتواترة أيضا دليل على صحة ذلك.
والوكالة تصح للحاضر كما تصح للغائب على ما قدمناه ولا يجب الحكم بها على طريق التبرع دون أن يلتزم ذلك بإيثار الموكل واختياره.
وللناظر في أمور المسلمين ولحكامهم أن يوكل على سفائهم وأيتامهم ونواقصي عقولهم من يطالب بحقوقهم ويحتج عنهم ولهم، وينبغي لذوي المروءات من الناس أن يوكلوا لأنفسهم في الحقوق ولا يناشروا الخصومة بنفوسهم.
وللمسلم أن يتوكل للمسلم على أهل الاسلام والذمة ولأهل الذمة على أهل الذمة، ويكره أن يتوكل للذمي على المسلم.
وقال شيخنا أبو جعفر في نهايته: وللمسلم أن يتوكل للمسلم على أهل الاسلام وأهل الذمة، ولأهل الذمة على أهل الذمة خاصة ولا يتوكل للذمي على المسلم، وقال بكراهة ذلك في مبسوطه قال: يكره أن يتوكل المسلم لكافر على مسلم وليس بمفسد للوكالة، هذا آخر كلامه رحمه الله وكذلك قال في مسائل خلافه، وهو الأظهر لأنه لا دليل على تحريمه، فإن تمسك متمسك بقوله تعالى: ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا، قلنا: المسلم الذي هو الوكيل ليس بكافر وأيضا لا خلاف أن للذمي الذي هو الموكل المطالبة للمسلم بما له عليه من الحق فله عليه سبيل لأنه الذي جعل له عليه سبيلا أعني المسلم الذي عليه الحق فللوكيل المسلم ما لموكله من المطالبة، وإنما أورده شيخنا في نهايته من طريق خبر الآحاد دون الاعتقاد على ما كررنا القول فيه.
ويتوكل الذمي للمسلم على الذمي ولأهل الذمة على أمثالهم من الكفار ولا يجوز له أن يتوكل على أحد من أهل الاسلام لا لذمي ولا لمسلم على حال لأن الآية المقدم ذكرها تتناول تحريم ذلك والنهي عنه والمنع منه.
وينبغي أن يكون الوكيل: عاقلا بصيرا بالحكم فيما أسند إليه الوكالة فيه عارفا باللغة