في الوكيل بغير خلاف، ولأنه لا مانع منه من كتاب ولا إجماع ولا سنة متواترة، وليس للوكيل الكافر على المسلمة هاهنا سبيل فيدخل تحت قوله تعالى: ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا.
وإذا ادعى رجل على رجل واستحضره الحاكم لمخاصمة المدعي كان له أن يحضر وكان له أن يقعد ويوكل غيره في الخصومة رضي خصمه بذلك أو لم يرض، وكذلك إن حضر كان له أن يجيب بنفسه أو يوكل غيره في الجواب عنه ولا يجبر على الجواب بنفسه، وكذلك للمدعي التوكيل في الخصومة.
وإذا أوجب رجل لرجل عقد الوكالة كان بالخيار بين أن يقبل ذلك وبين أن يرده ولا يقبله، فإذا أراد أن يقبل في الحال كان له ذلك وله أن يؤخر ذلك فيقبله أي وقت أراد، ولهذا أجمع المسلمون على أن الغائب إذا وكل رجلا ثم بلغ الوكيل ذلك بعد مدة فقبل الوكالة انعقدت.
فإذا ثبت هذا فله أن يقبل لفظا وله أن يقبل فعلا مثل أن يتصرف في الشئ الذي وكله فيه وكذلك إذا أودعه مالا وأحضر المال بين يديه، فلا فرق بين أن يقبل الوديعة لفظا وبين أن يقبلها فعلا بأن يأخذها ويحرزها، فإذا حصل القبول وانعقدت الوكالة كان لكل واحد منهما أن يثبت عليها وله أن يفسخها لأنها عقد جائز من الطرفين لأن العقود على أربعة أضرب:
عقد جائز من الطرفين، وعقد لازم من الطرفين، وعقد لازم من طرف وجائز من طرف، وعقد مختلف فيه.
فالجائز من الطرفين مثل الجعالة والوكالة والشركة والمضاربة والوديعة والعارية.
واللازم من الطرفين مثل البيع بعد التفرق من المجلس والإجارة والنكاح.
والجائز من طرف فهو الرهن فإنه لازم من جهة الراهن جائز من جهة المرتهن، وكذلك الكتابة المشروطة لازمة من جهة السيد جائزة من جهة العبد.
والمختلف فيه عقد السبق والرماية فيلزمهما قولان: أحدهما أنه جعالة وهو الأقوى فعلى