وأما المختلف فيه فهم: الصناع الذين يتقبلون الأعمال مثل القصار والصباغ والحائك وغيرهم، فإذا تلف المال الذي تسلموه للعمل في أيديهم فهل عليهم الضمان أم لا؟ قيل فيه قولان: أحدهما: يلزمهم تعدوا فيه أم لم يتعدوا. والثاني: لا ضمان عليهم إلا أن يتعدوا.
وكلا الوجهين رواه أصحابنا، والأخير هو الأظهر بين الطائفة والأصح من القولين والمعمول عليه عند المحصلين، لأن هؤلاء سبيلهم سبيل الأمناء لأن الانسان يستأمن الصانع ويسلم ماله إليه، ولا خلاف أن الأمين لا ضمان عليه.
وجميع من يحصل بيده مال من وكيل - سواء كان بجعل أو غير جعل - ومضارب ومستام وأجير مشتركا كان أو غير مشترك ومرتهن ومستعير وراع وأمين وملتقط، إذا ادعوا رد الشئ الذي حصل بأيديهم إلى مالكه وصاحبه، فلا يقبل قولهم في ذلك إلا ببينة وإن كان يقبل قولهم في التلف على ما قدمناه، إلا المودع فحسب فإنه يقبل قوله في التلف وفي الرد بلا خلاف للإجماع والباقون يحتاجون في الرد إلى بينة ولا تقبل بمجرد دعواهم لقوله ع: على اليد ما أخذت حتى تؤدي، ولقوله: على المدعي البينة، فليلحظ ذلك ويتأمل.
فأما بيان من يجوز له التوكيل فكل من يصح تصرفه في شئ تدخله النيابة صح التوكيل فيه سواء كان الموكل رجلا أو امرأة عدلا أو فاسقا مسلما أو كافرا حاضرا أو غائبا.
ولا يجوز للوكيل أن يوكل فيما جعل إليه إلا بإذن الموكل، ولا يجوز أن تتوكل المرأة لزوجها في طلاق نفسها على الصحيح من المذهب، ولا بأس أن تتوكل في طلاق ضرتها لأنه لا مانع يمنع منه لأن كل ما يصح أن يتصرف الانسان فيه لنفسه صح أن يتوكل فيه لغيره إذا كان مما تدخله النيابة، فأما ما لا يملك التصرف فيه بنفسه فلا يصح أن يتوكل فيه، مثل أن يزوج الكافر المسلمة فإنه لا يصح أن تتوكل فيه لأنه لا يمكن تزويجها.
والذي يقوى في نفسي أنه لا يمنع من وكالة الكافر مانع في التزويج المذكور لأنا لا نعتبر العدالة