عليه في الخروج فإنه يجوز له أن يستنيب ويستأجر من يجاهد عنه على ما رواه أصحابنا.
وأما الجزية والاحتطاب والاحتشاش والاصطياد فلا يدخل ذلك النيابة والتوكيل.
وأما الذبح فيصح التوكيل فيه، وأما الأيمان والنذور فلا يصح التوكيل فيها، وأما القضاء فيصح الاستنابة فيه، وأما الشهادات فيصح الاستنابة فيها على وجه مخصوص فتكون شهادة على شهادة وذلك عندنا ليس بتوكيل، وأما الدعوى فيوكل الانسان فيها لأن كل أحد لا يكمل للمخاصمة والمطالبة، وأما العتق والتدبير والكتابة فيصح التوكيل في ذلك.
فإذا ثبت ذلك فجملة من يحصل في يده مال الغير ويتلف فيها على ثلاثة أضرب:
ضرب لا ضمان عليهم بلا خلاف، وضرب عليهم الضمان، وضرب فيه خلاف.
فالذين لا ضمان عليهم فهم: الوكيل والمرتهن والمودع والشريك والمضارب والوصي والحاكم وأمينه والمستأجر والمستعير عندنا، فإذا تلف مال الغير في أيديهم من غير تفريط وتعد منهم فلا ضمان عليهم.
والذين عليهم الضمان فهم: الغاصب والسارق والمستام والمبتاع بيعا فاسدا إذا قبض المبيع، فهؤلاء إذا تلف المال في أيديهم كان عليهم الضمان سواء تعدوا فيه أو لم يتعدوا فرطوا في حفاظه أو لم يفرطوا.
هكذا أورده شيخنا أبو جعفر في مبسوطه، والذي تقتضيه أصولنا أن المستام لا ضمان عليه إذا لم يفرط لأنه أخذه بإذن صاحبه وعن أمره ولأن الأصل براءة الذمة فمن شغلها بشئ يحتاج إلى دليل قاهر، فأما إن ادعى الرد فيحتاج إلى بينة.
فأما ما أورده شيخنا في مبسوطه فهو مذهب المخالفين بناء منه على أن المستعير ضامن بنفس العارية من غير شرط قاسوا المستام على المستعير، والمستعير عندنا لا ضمان عليه إلا بالشرط، ثم القياس عندنا باطل غير معمول عليه، والمستام أخذ الشئ بإذن صاحبه واختياره فهو أمين وسبيله سبيل الأمناء لا ضمان عليه إلا بالتفريط فليلحظ ذلك. فأما في الرد فإنه يحتاج إلى بينة على ما قدمناه.