الرابع:
الوكيل يعتبر فيه البلوغ وكمال العقل ولو كان فاسقا أو كافرا أو مرتدا ولو ارتد المسلم لم يبطل وكالته، لأن الارتداد لا يمنع الوكالة ابتداء و كذلك استدامة، وكل ما له أن يليه بنفسه وتصح النيابة فيه صح أن يكون فيه وكيلا، فتصح وكالة المحجور عليه لتبذير أو فلس، ولا تصح نيابة المحرم فيما ليس للمحرم أن يفعله كابتياع الصيد وإمساكه وعقد النكاح.
ويجوز أن تتوكل المرأة في طلاق غيرها. وهل تصح في طلاق نفسها؟ قيل لا، وفيه تردد، وتصح وكالتها في عقد النكاح لأن عبارتها فيه معتبرة عندنا، وتجوز وكالة العبد إذا أذن مولاه، ويجوز أن يوكله مولاه في إعتاق نفسه، ولا تشترط عدالة الولي ولا الوكيل في عقد النكاح، ولا يتوكل الذمي على المسلم للذمي ولا للمسلم على القول المشهور، وهل يتوكل المسلم للذمي على المسل؟ فيه تردد والوجه الجواز على كراهية، ويجوز أن يتوكل الذمي على الذمي.
ويقتصر الوكيل من التصرف على ما أذن له فيه وما تشهد العادة بالإذن فيه، فلو أمره ببيع السلعة بدينار نسيئة فباعها بدينارين نقدا صح، وكذا لو باعها بدينار نقدا إلا أن يكون هناك غرض صحيح يتعلق بالتأجيل، أما لو أمره ببيعه حالا فباع مؤجلا لم يصح ولو كان بأكثر مما عين لأن الأغراض تتعلق بالتعجيل ولو أمره ببيعه في سوق مخصوصة فباع في غيرها بالثمن الذي عين له أو مع الإطلاق بثمن المثل صح إذ الغرض تحصيل الثمن.
أما لو قال: بعه من فلان، فباعه من غيره لم يصح ولو تضاعف الثمن لأن الأغراض في الغرماء تتفاوت، وكذا لو أمره أن يشترى بعين المال فاشترى في الذمة أو في الذمة فاشترى بالعين لأنه تصرف لم يؤذن فيه وهو مما تتفاوت فيه المقاصد، وإذا ابتاع الوكيل وقع الشراء عن الموكل ولا يدخل في ملك الوكيل، لأنه لو دخل في ملكه لزم أن ينعتق عليه أبوه وولده لو اشتراهما كما ينعتق أبو الموكل وولده، ولو وكل مسلم ذميا في ابتياع خمر لم يصح.