جميعا، فإن الشفعة لا تستحق ههنا لأن الملك لم تزل علقته عن البائع، فأما ما لا خيار فيه أو فيه الخيار للمشتري وحده ففيه الشفعة لأن الملك قد زال عنه.
هذا على قول شيخنا أبي جعفر في مسائل خلافه والذي يقتضيه المذهب ويشهد بصحة أصوله أن الشفعة يستحقها الشفيع على المشتري بانتقال الملك إليه، والملك عند جميع أصحابنا ينتقل من البائع إلى المشتري بمجرد العقد لا بمضي الخيار ومدته وتقضي الشرط بل بمجرد العقد، وإنما ذلك مذهب الشافعي وفروعه فإن له ثلاثة أقوال: أحدها بمجرد العقد والآخر بانقضاء مدة الخيار والآخر مشاعا. وشيخنا فقد رجع وقال: ينتقل الملك بمجرد العقد فإذا قال ذلك ثبتت الشفعة.
واشترطنا أن يكون شريكا للبائع تحرزا من القول باستحقاقها بالجوار فإنها لا تستحق بذلك عندنا.
بدليل إجماعنا ونحتج على المخالف بما روي من قوله ع: الشفعة فيما لم تقسم فإذا وقعت الحدود فلا شفعة، ولا يعارض ذلك بما روي من قوله ع: الجار أحق بسقبه، لأن في ذلك إضمارا وإذا أضمروا أنه أحق بالأخذ بالشفعة أضمرنا أنه أحق بالعرض عليه، ولأن المراد بالجار في الخبر الشريك لأنه خرج على سبب يقتضي ذلك، فروى عمرو بن الشريد عن أبيه قال: بعت حقا من أرض لي فيها شريك، فقال شريكي: أنا أحق بها، فرفع ذلك إلى النبي ص، فقال: الجار أحق بسقبه، والزوجة تسمى جارا لمشاركتها الزوج في العقد.
قال الأعشى: أيا جارتي بيني فإنك طالقة، وهي تسمى بذلك عقيب العقد وتسمى به وإن كانت بالشرق والزوج بالغرب، وليس لأحد أن يقول إنما سميت بذلك لكونها قريبة مجاورة فقد صار اسم الجار يقع على الشريك لغة وشرعا.
واشترطنا أن يكون واحدا لأن الشئ إذا كان مشتركا بين أكثر من اثنين فباع أحدهم لم يستحق شريكه الشفعة، بدليل الاجماع من أصحابنا ولأن حق الشفعة حكم شرعي يفتقر ثبوته إلى دليل شرعي وليس في الشرع ما يدل على ذلك ههنا، وعلى هذا إذا كان الشريك واحدا ووهب بعض السهم أو تصدق به وباع الباقي للموهوب له والمتصدق عليه لم يستحق فيه الشفعة.