فلا دليل على إسقاطه، وقبل البيع فما أسقط شيئا يستحقه فليلحظ ذلك.
وكذلك إذا كانت الدار بين شريكين فقال الشفيع للمشتري: اشتر نصيب شريكي فقد نزلت عن الشفعة وتركتها لك، ثم اشترى المشتري ذلك على هذا لا يسقط شفعته بذلك وله المطالبة لأنه إنما يستحق الشفعة بعد العقد، فإذا عفا قبل ذلك لم يصح لأنه يكون قد عفي عما لم يجب له ولا يملكه فلا يسقط حقه حين وجوبه، وكذلك الورثة إذا عفوا عما زاد على الثلث في الوصية قبل موت الوصي ثم مات بعد ذلك فلهم الرجوع لمثل ما قلناه على الصحيح من المذهب.
إذا كانت الشفعة قد وجبت للشفيع ولم يعلم بها حتى تقايلا هل للشفيع إبطال الإقالة ورد المبيع إلى المشتري وأخذ ذلك بالشفعة أم لا؟ للشفيع ذلك لأن حق الشفعة ثبت على وجه لا يمكن ولا يملك المتعاقدان إسقاطه.
إذا ادعى البائع البيع وأنكر المشتري وحلف فإن الشفعة ثابتة وللشفيع أخذها من البائع، لأنه معترف بحقين الواحد منهما عليه وهو حق الشفعة والآخر على المشتري فلا يقبل قوله على المشتري لأن الحق له، وقبلنا قوله للشفيع لأنه حق عليه.
هكذا أورده شيخنا في مسائل خلافه واختاره وقواه وهو قول المزني وتفريعه، وقال ابن شريح أبو العباس: لا شفعة لأنها إنما ثبتت بعد ثبوت المشتري.
قال محمد بن إدريس مصنف هذا الكتاب: وهذا الذي تقتضيه أصول أصحابنا ومذهبهم، لأن الشفعة لا تستحق إلا بعد ثبوت البيع ويستحقها ويأخذها الشفيع من المشتري دون البائع، والبيع ما صح ولا وقع ظاهرا ولا يحل لحاكم أن يحكم بأن البيع حصل وانعقد، فكيف يستحق الشفعة في بيع لم يثبت عند الحاكم؟ وكيف يأخذها من البائع؟ وأيضا الأصل ألا شفعة فمن أثبتها يحتاج إلى دليل قاطع هاهنا في هذا الموضع، وهذه مسألة حادثة نظرية لا يرجع فيها إلى قول بعض المخالفين بل يحتاج إلى تأمل وأن ترد إلى أصل المذهب وما تقتضيه أصول أصحابنا فليلحظ ذلك.
وإذا كان الشفيع وكيلا في البيع للبائع أو وكيلا في الشراء للمشتري فإنه يستحق