لأنه لا يستحق على مسلم شفعة، واشترطنا أن يكون لا يسقط حق المطالبة لأنه أقوى من قول من يذهب إلى أن حق الشفعة على الفور ويسقط بتأخير الطلب مع القدرة عليه لأن ذلك هو الأصل في كل حق عقلا وشرعا ولا يخرج منه إلا ما أخرجه دليل قاطع، واشترطنا عدم عجزه عن الثمن لأنه إنما يملك الأخذ إذا دفع إلى المشتري ما بذل للبائع فإذا تعذر عليه ذلك سقط حقه من الشفعة وسواء كان عجزه لكونه معسرا أو لكون ما وقع عليه العقد أو بعضه غير معلوم القيمة وقد فقدت عينه، وروى أصحابنا أن حكمه كذا متى لم يحضر الثمن من البلد الذي هو فيه حتى مضت ثلاثة أيام ومتى ادعى إحضاره من حضر آخر فلم يحضر حتى مضت مدة يمكن فيها وصول الثمن وزيادة ثلاثة أيام هذا ما لم يؤد الصبر عليه إلى ضرر، فإن أدى إلى ذلك بطلت الشفعة، وإذا كان الثمن مؤجلا فهو على الشفيع كذلك ويلزمه إقامة كفيل به إذا لم يكن مليا، وهذا لا يتفرع على مذهب من قال من أصحابنا أن حق الشفعة لا يسقط بالتأخير.
وإذا حط البائع من الثمن بعد لزوم العقد فهو للمشتري خاصة ولم يسقط عن الشفيع لأنه إنما يأخذ الشقص بالثمن الذي انعقد البيع عليه وما يحط بعد ذلك هبة مجددة لا دليل على لحوقها بالعقد.
إذا تكاملت شروط استحقاق الشفعة استحقت في كل مبيع من الأرض والحيوان والعروض كان ذلك مما يحتمل القسمة أو لا، ومن أصحابنا من قال: لا يثبت حق الشفعة إلا فيما يحتمل القسمة شرعا من العقار والأرضين لا فيما لا يحتملها كالحمامات والأرحية ولا فيما لا ينقل ولا يحول إلا على وجه التبع للأرض كالشجر والبناء.
والشفعة مستحقة على المشتري دون البائع وعليه الدرك للشفيع. وإن لم يقبض المشتري المبيع قبض الشفيع وكان قبضه بمنزلة قبض المشتري، وإذا كان الشريك غير كامل العقل فلوليه والناظر في أمور المسلمين المطالبة له بالشفعة وإذا ترك الولي ذلك فللصغير إذا بلغ والمجنون إذا عقل المطالبة. وإذا غرس المشتري وبنى ثم علم الشفيع بالشراء وطالب بالشفعة كان له إجباره على قلع الغرس والبناء إذا رد عليه ما نقص من ذلك بالقلع، وإذا استهدم المبيع لا بفعل المشتري أو هدمه هو قبل علمه بالمطالبة من ذلك