وحق الشفعة موروث، على الأظهر من أقوال أصحابنا لعموم آيات الميراث، لأنه إذا كان حقا للميت يستحقه وارثه مثل سائر الحقوق لعموم الآيات، ومن أخرج شيئا منها فعليه الدلالة وهو مذهب المرتضى وشيخنا المفيد في مقنعته وجلة أصحابنا.
وذهب شيخنا أبو جعفر في نهايته إلى أنها لا تورث وكذلك ذهب في مسائل خلافه في كتاب الشفعة إلا أنه رجع في مسائل الخلاف في الجزء الثاني في كتاب البيوع إلى أنها تورث كسائر الحقوق، فقال: مسألة: خيار الثلاث موروث كان لهما أو لأحدهما ويقوم الوارث مقامه ولا ينقطع الخيار لوفاته، وكذلك إذا مات الشفيع قبل الأخذ بالشفعة قام وارثه مقامه وهكذا في خيار الوصية إذا أوصي له بشئ ثم مات الموصي كان الخيار في القبول إليه فإن مات قام وارثه مقامه ولم ينقطع الخيار بوفاته، وبه قال مالك والشافعي وقال أبو حنيفة: كل هذا ينقطع بالموت فلا يقوم الوارث مقامه، وقال في البيع: يلزمه البيع بموته ولا خيار لوارثه، وبه قال الثوري وأحمد، دليلنا أن هذا الخيار إذا كان حقا للميت يجب أن يرثه مثل سائر الحقوق لعموم الآية، ومن أخرج شيئا منها فعليه الدلالة، هذا آخر كلامه رحمه الله في المسألة.
ومن ذهب من أصحابنا إلى أنها لا تورث لا حجة له وإنما يتمسك بأخبار آحاد ضعيفة لا توجب علما ولا عملا فكيف يترك لها الأدلة والإجماع؟ وقد قلنا إنه إذا زاد الشركاء على اثنين بطلت الشفعة، وكذلك إذا تميزت الحقوق وتحيزت وتجددت بالقسمة.
ومتى شهد الشفيع عقد البيع لم تبطل شفعته إذا طالب بها بعد العقد على الفور كما قدمناه.
ومتى عرض البائع الشئ على صاحب الشفعة بثمن معلوم فلم يرده فباعه من غيره بذلك الثمن أو زائدا عليه لم يكن لصاحب الشفعة المطالبة بها على ما روي، وإن باع بأقل من الذي عرض عليه كان له المطالبة بها.
والأولى أن يقال: أن على جميع الأحوال للشفيع المطالبة بها لأنه إنما يستحقها بعد البيع ولا حق له قبل البيع، فإذا عفا قبله فما عفا عن شئ يستحقه فله إذا باع شريكه أحدها لأنه تجدد له حق