المال فعل وليس ذلك واجبا عليه، إلا أن شيخنا يرجع عن هذا ويقول بما اخترناه في النهاية أيضا في باب آخر من فقه الحج، قال: ومن وجد شيئا في الحرم فلا يجوز له أخذه، فإن أخذه فليعرفه سنة فإن جاء صاحبه وإلا تصدق به عنه وكان ضامنا إذا جاء صاحبه ولم يرض بفعله، وإذا وجد في غير الحرم فليعرفه سنة ثم هو كسبيل ماله يعمل به ما شاء إلا أنه ضامن إذا جاء صاحبه، هذا آخر كلام شيخنا في الباب المشار إليها وهو الحق اليقين لأنه مال الغير والرسول ع قال: لا يحل مال امرئ مسلم إلا عن طيب نفس منه، وهذا ما طابت نفسه بالصدقة عنه.
وأما الذي يجده في غير الحرم فيلزمه أيضا تعريفه سنة، فإن جاء صاحبه رد عليه، وإن لم يجئ كان كسبيل ما له بعد السنة والتعريف فيها يجوز له التصرف فيه بسائر أنواع التصرفات إلا أنه يكون ضامنا له بقيمته بعد السنة متى جاء صاحبه وجب عليه رده عليه، فإن تصدق به عنه لزمه أيضا أن يغرمه له متى جاء إلا أن يشاء صاحبه أن يكون له الأجر ويرضى بذلك فيحتسب له بذلك عند الله تعالى.
وجميع النماء المنفصل والمتصل بعد الحول في هذا الضرب يكون لمن وجدها دون صاحبها لأنه بعد الحول صارت كسبيل ماله ولصاحبها قيمتها فحسب، فهو في هذا الضرب بين خيرتين: بين أن يتصدق بها بعد السنة وتعريفها ويكون ضامنا لقيمتها بعد الحول إذا جاء صاحبها ولم يرض بفعله، وبين أن يجعلها كسبيل ماله ويضمن قيمتها لصاحبها بعد السنة والتعريف.
وإلى هذا يذهب شيخنا في نهايته وهو مذهب أصحابنا أجمع وبه تواترت أخبارهم، وذهب شيخنا في مسائل خلافه إلى: أن لقطة غير الحرم يعرفها سنة ثم هو مخير بعد السنة بين ثلاثة أشياء: بين أن يحفظها على صاحبها وبين أن يتصدق بها عنه ويكون ضامنا إن لم يرض صاحبها بذلك وبين أن يتملكها ويتصرف فيها وعليه ضمانها إذا جاء صاحبها، وهذا مذهب الشافعي وأبي حنيفة اختاره هاهنا لأن بينهما خلافا في لقطة الفقير والغني، والصحيح الحق اليقين إجماع أصحابنا على أنه بعد السنة يكون كسبيل ما له أو يتصدق بها بشرط الضمان ولم