الغصب إلى حين التلف.
وإذا صبغ الغاصب الثوب بصبغ يملكه فزادت لذلك قيمته كان شريكا فيه بمقدار الزيادة فيه وله قلع الصبغ لأنه عين ماله بشرط أن يغرم ما ينقص من قيمة الثوب لأن ذلك يحصل بجنايته. ولو ضرب النقرة دراهم والتراب لبنا ونسج الغزل ثوبا وطحن الحنطة وخبز الدقيق فزادت القيمة بذلك لم يكن له شئ لأن هذه آثار أفعال وليست بأعيان أموال ولا يدخل المغصوب بشئ من هذه الأفعال في ملك الغاصب ولا يجبر صاحبه على أخذ قيمته.
ومن غصب زيتا فخلطه بأجود منه فالغاصب بالخيار بين أن يعطيه من ذلك ويلزم المغضوب منه قبوله لأنه تطوع له بخير من زيته وبين أن يعطيه مثله من غيره لأنه صار بالخلط كالمستهلك، ولو خلطه باردا منه لزمه أن يعطي من غير ذلك مثل الزيت الذي غصبه ولا يجوز أن يعطيه منه بقيمة زيته الذي غصبه لأن ذلك ربا، وإن خلطه بمثله فالمغصوب منه شريكه فيه يملك مطالبته بقسمته.
ومن غصب حبا فزرعه أو بيضة فأحضنها فالزرع والفرخ لصاحبهما دون الغاصب لأن المغصوب لا يدخل في ملك الغاصب بتغيره، فإذا كان باقيا على ملك صاحبه فما تولد منه ينبغي أن يكون له دون الغاصب، ومن أصحابنا من اختار القول بأن الزرع والفرخ للغاصب وعليه القيمة لأن عين الغصب تالفة وهو أبو جعفر وابن البراج رضي الله عنهما. والمذهب هو الأول.
ومن غصب ساجة فأدخلها في بنائه لزمه ردها وإن كان في ذلك قلع ما بناه في ملكه لما سبق في ضرب النقرة، وكذا لو غصب لوحا فأدخله في سفينة ولم يكن في رده هلاك ما له حرمة وعلى الغاصب أجرة مثل ذلك من حين الغصب إلى حين الرد لأن الخشب يستأجر للانتفاع به. وكل منفعة تملك بعقد الإجارة فإنها تضمن بالغصب أيضا.
وإذا غصب أرضا فزرعها ببذر من ماله أو غرسها كذلك فالزرع والشجر له لأنه عين ماله وإنما تغيرت الصفة بالزيادة والنماء وعليه أجرة الأرض وأرش نقصانها، ومتى الشجر فعليه تسوية الأرض، وكذا لو حفر بئرا أجبر على طمها وللغاصب ذلك وإن