البلوغ شرط لنفي الحمل، والمشروط موقوف على الشرط، فإذا حصل البلوغ انتفى أن يحمل فلا يتناول نفي ما حمل، لأنا نقول: لا ريب أن البلوغ شرط لنفي الحمل، ويلزم انتفاء السابق وإلا لكان الحمل ثابتا.
وأما الأثر فما روي عن أبي عبد الله (عليه السلام) من طرق عدة: إذا بلغ الماء قدر كر لم ينجسه شئ (19).
وأما المعقول فوجوه: الأول: لو لم تكن الكثرة رافعة للخبث السابق لما جاز استعمال الراكد مع وجود عين النجاسة فيه حتى يعلم سبق الطهارة، لكن هذا اللازم باطل بالإجماع.
الثاني: لو لم يكن الكر المجتمع من المياه النجسة طاهرا عند البلوغ لزم تخصيص شرط آية التيمم (20)، والتخصيص على خلاف الأصل. الثالث: لو لم يكن طاهرا عند البلوغ لكانت الكثرة غير ناهضة بدفع الخبث الوارد، فلا تكون الطهارة معلقة على البلوغ، بل وعلى ذلك السبب، وهو خلاف مدلول الأحاديث. الرابع: الحكم بنجاسة هذا الماء عسر، والحكم بطهارته يسر، فيترجح جانب اليسر لقوله تعالى: * (يريد الله بكم اليسر) * (21).
والجواب: قوله: لا نسلم الحصر، فإن هنا أقساما أخر. قلنا: قد بينا انتفاء تلك الأقسام، فإنه لولا أحد الأمرين لزم بقاء النجاسة عملا بالمقتضي السالم عن مصادمة المعارض.
فإن قال: المعارض ممكن. قلنا: لا يجوز الوقوف مع الاحتمال، وإلا لزم نفي الحكم الثابت بالفرض الموهوم. أو نقول: هذا الاحتمال منفي، أما عندنا