بين القدماء على ما قيل المنع وهو مقتضى الأخبار الحاصرة لما يجوز بيعه في الصيود، والمشهور بين الشيخ ومن تأخر عنه (قدس سرهم) الجواز ولا مخصص للأخبار الحاصرة سوى ما أرسله في المبسوط من أنه روى ذلك يعني جواز البيع في كلب الماشية والحائط المنجبر قصور سنده ودلالته باشتهاره بين المتأخرين.
ويمكن أن يقال: إن كان المراد من كلب الحائط المعد لحراسة الزرع والبستان والدار لا يبقى بعد التخصيص إلا كلب الهراش، والعقلاء لا يقدمون على بيعه، فحمل المنع في الأخبار على المنع عن بيعه بالخصوص بعيد جدا " فمع حجية المرسل المذكور وتمامية الدلالة تقع المعارضة بينه وبين تلك الأخبار والترجيح معها ومع حمل الحائط على خصوص البستان والزرع لا يبقى تحت العام إلا كلب الهراش والمعد لحراسة الدور والخيام، وكلب الهراش خارج لعدم التوجه إليه، وحمل تلك المانعة على خصوص ما ذكر لا يخلو عن بعد، هذا مضافا " إلى أن حمل الحائط على ما ذكر أعني خصوص الزرع والبستان لا وجه له، فالأقوى المنع وإن كان لهذه الكلاب منفعة مقصودة للعقلاء محللة لأن هذه الجهة مقتضية لصحة البيع لو لم يمنع مانع ولا يستفاد الجواز مما دل على حرمة بيع الأعيان النجسة للنهي عن الانتفاع بها لعدم استفادة العلية المنحصرة منها حتى يقال: إذا انتفت علة الحرمة انتفت الحرمة وقد ظهر مما ذكر وجه المنع في الخمر والأنبذة والفقاع.
(والمايعات النجسة عدا الدهن لفائدة الاستصباح تحت السماء، ولا يباع ولا يستصبح مما يذاب من شحوم الميتة وألياتها).
الظاهر أن المايعات خصوص المتنجسة منها بقرينة استثناء الدهن للاستصباح، وعلى هذا فالظاهر أنها ليست مشمولة لما في خبر تحف العقول " أو شئ من وجوه النجس الخ " لظهوره في خصوص الأعيان النجسة دون المتنجسات لكن العلة المذكورة فيها موجبة للمنع إذا لم تكن لها منفعة محللة مقصودة للعقلاء، كما أنه يشملها ما دل على الملازمة بين تحريم الشئ وتحريم الثمن وعلى هذا فلا بد من التفصيل بين ما لا منفعة لها محللة مقصودة وما ليس كذلك، ومنه يظهر جواز بيع العصير العنبي بعد