وقد جمع بينهما بحمل الأولى على عذرة الانسان، والثانية على عذرة البهائم وقرب هذا الجمع برواية سماعة قال: " سأل رجل أبا عبد الله عليه السلام وأنا حاضر (عن بيع العذرة) فقال: إني رجل أبيع العذرة فما تقول؟ قال: حرام بيعها وثمنها، وقال لا بأس ببيع العذرة (1) " فإن الجمع بين الحكمين في كلام واحد لمخاطب واحد يدل على أن تعارض الأولين ليس إلا من حيث الدلالة فلا يرجع فيه إلى المرجحات السندية أو الخارجية.
ويمكن أن يقال: يبعد هذا الجمع في هذه الرواية من جهة أن الراوي إما أن يكون بايعا " للقسم النجس أو غيره أو القسمين، وعلى كل تقدير لا بد من جواب مناسب لحاله ولا نفهم المناسبة، فلا يبعد أن يكون قوله المحكي " لا بأس - الخ " كلاما " آخر غير متصل بالكلام الأول، فإن الواو لمطلق الجمع فالتعارض بين الروايتين باق بحاله، وعلى فرض التسليم أيضا " يشكل ما ذكر من جهة أن المطلق كالعام بمنزلة القانون لا بد فيه من الغلبة فمع تساوي أفراد أحد القانونين المختلفين لأغلبة في البين، ومع أكثرية أفراد أحدهما يخرج الآخر عن القانونية، فالتعارض باق بحاله.
وأما الميتة فاستدل على حرمة المعاوضة عليها برواية السكوني حيث عد فيها ثمن الميتة من السحت (2) مضافا " إلى ما دل من الأخبار على أن الميتة لا ينتفع بها منضما " إلى اشتراط وجود المنفعة المباحة في المبيع فإن كان استناد الفقهاء رضوان الله تعالى عليهم إلى الرواية بحيث تكون الرواية مجبورة فلا إشكال. وإن كان نظرهم إلى حرمة الانتفاع فمع جواز الانتفاع وكونه قابلا " للتوجه يشكل ما ذكر.
ويظهر من بعض الأخبار جواز الانتفاع مثل رواية الصيقل قال: " كتبوا إلى الرجل جعلنا الله فداك إنا نعمل السيوف وليست لنا معيشة ولا تجارة غيرها ونحن مضطرون إليها وإنما غلافها من جلود الميتة من البغال والحمير الأهلية لا يجوز في