على التزام صرف المبيع في الضم والصليب بعيد في الغاية والفرق بين مؤاجرة البيت ليبيع الخمر فيه وبيع الخشب على أن يعمل صليبا أو صنما لا يكاد يخفى.
ولقائل أن يقول: نسلم أن المسلم بما هو مسلم لا داعي له إلى الاشتراط والتواطؤ في المسألتين إلا أنه قد يدعو إلى الاشتراط والتواطؤ أمر آخر كزيادة القيمة ورواج المعاملة من غير فرق بين المسألتين.
وأما كراهة ممن يعمل فهي مقتضاه الجمع بين أخبار المسألة فيدل على الجواز الأخبار المستفيضة منه خبر ابن أذينة " قال: كتبت إلى أبي عبد الله عليه السلام أسأله عن رجل له كرم يبيع العنب ممن يعلم أنه يجعله خمرا أو مسكرا فقال: إنما باعه حلالا في الإبان الذي يحل شربه وأكله فلا بأس ببيعه " (1).
ومنها رواية أبي كهمش " قال: سأل رجل أبا عبد الله عليه السلام إلى أن قال: ثم قال:
هو ذا نحن نبيع تمرنا ممن نعلم أنه يصنعه خمرا " (2) وفي قبالهما مكاتبة ابن أذينة المذكورة ورواية عمرو بن حريث عن التوت أبيعه ممن يصنع الصليب أو الصنم؟ قال: لا " (3) ويجمع بين الطرفين بحمل ما يظهر منه المنع على الكراهة، ويشهد له رواية الحلبي عن بيع العصير ممن يصنعه خمرا قال: بيعه من يطبخه أو يصنعه خلا أحب إلي ولا أرى به بأسا " (4).
ولا مجال للخدشة في سند الأخبار المجوزة من جهة عمل الأكثر، وقد يستدل على حرمة البيع من جهة كونه تعاونا على الإثم والعدوان المنهي عنه في الآية الشريفة واستشكل في صدق الإعانة مع عدم القصد إلى وقوع الفعل من المعان ويشهد له عدم الصدق في تجارة التاجر مع علمه بأخذ العشور، وقد يقال بعدم لزوم القصد في جميع الموارد ألا ترى أنه لو أراد الظالم ضرب أحد ظلما ويطلب العصا فإعطاء أحد يصدق