فلا مجال للتمسك بأصالة حرمة التصرف في مال الغير بل لا بد من إقامة الدليل على وجوب ما عينه ففي الصورة الأولى يحكم بالضمان للخروج عن الأمانة إلا مع الخوف فالنقل جائز حسبة ومقتضى القاعدة عدم الضمان لأن الناقل محسن وما على المحسنين من سبيل وربما يظهر من العبارة ترتب الضمان ولو رد الوديعة إلى المحل المعين، ويشكل من جهة أنه مع عدم بطلان الوديعة وكون اليد أمانية ما وجه الضمان وقد يتأمل في صدق الاحسان بمجرد الخوف خصوصا إذا كان الخوف شخصيا بحيث لا يتحقق لنوع الناس.
(وهي جائزة من الطرفين وتبطل بموت كل واحد منهما ولو كانت دابة وجب علفها وسقيها ويرجع به على المالك والوديعة أمانة لا يضمنها المستودع إلا مع التفريط أو العدوان).
ادعي الاجماع على جواز عقد الوديعة من الطرفين والمعروف أن العقود الجائزة من شأنها أن تبطل بالموت والجنون والاغماء فإن تم الاجماع على البطلان بما ذكر وإلا أمكن الخدشة فيما علل به من أن المال ينتقل عن المودع ولا عقد مع وارث الودعي فلا يجوز بقاؤه على حكم الوديعة ومن أنه مع الجنون مثلا ونحوه ينتقل ولاية التصرف إلى غيره ولا عقد مع غير الودعي لامكان أن يقال: لا مانع من أن يعين الميت ثلث ماله بالوصية ويدعه عند من يختار حتى يصرف في وقت معين مصرفه، ولا دليل على لزوم ولاية التصرف حدوثا وبقاء مضافا إلى النقض بالهبة الجائزة حيث أنها مع القبض لا تبطل بموت الواهب والنقص بالإجارة مع القول بعدم بطلانها بموت المؤجر فإنها باقية مع أن المال انتقل إلى الوارث ولا عقد مع الوارث، وما قد يقال من أنه لو لم تكن الوديعة عقدا بل كانت إذنا من الودعي والإذن مع موت الآذن أو جنونه أو إغمائه واضح البطلان لا نفهم وضوحه فإن الوصية العهدية حقيقتها استنابة وإذن من الموصى ولا تبطل بواحد من هذه الأمور فالعمدة الاجماع إن تم نعم مع تعيين المستودع بنحو وحدة المطلوب لا مجال لبقاء الوديعة.
وأما وجوب العلف والسقي مع كون الوديعة دابة فهو من لوازم وجوب الحفظ