الذمة في الواقع فإن الصلح وإن صح ظاهرا لكنه لا يصح بحسب الواقع ولا يستباح للمدعي ما دفع إليه لأنه أكل للمال بالباطل، نعم لو كانت الدعوى مستندة إلى شبهة وقرينة تخرج بها عن الكذب المحض كما لو وجد المدعي بخط مورثه أن له على فلان مالا أو شهد له من لا يثبت الحق بشهادته شرعا " ولم يكن المدعي عالما بالحال وتوجهت له اليمين على المدعى عليه فيصالحه على إسقاط اليمين بمال أو قطع المنازعة فالظاهر هنا صحة الصلح في نفس الأمر واستحقاق ما يأخذه من مال الصلح.
ويمكن أن يقال: لا نعرف وجها لصحة الصلح ظاهرا مع عدم معلومية حق يصالح عنه بشئ في مقابله ومجرد جواز المرافعة وطلب اليمين من المنكر لا يثبت حقا يقابل بالمال وما دل على ذهاب اليمين بالحق وعدم جواز المقاصة لا يثبت صحة الصلح ظاهرا ولا نجد فرقا بين صورة العلم بكذب أحد الطرفين وصورة الشبهة ووجدان الخط أو شهادة من لا تقبل شهادته، والصحة المذكورة لا يستفاد منها صحة الصلح في الصورتين بل هي متعرضة لصورة الاستحقاق والصلح بأقل مما في الذمة، وربما يظهر منها ما هو خلاف القواعد حيث إن ما للميت ينتقل إلى الوارث بعد الموت فلعل المراد من مؤاخذة الميت في الآخرة من وجهة حرمانه وحرمان ورثته.
والحاصل أن الصحة بحسب الظاهر توجب أن يعامل مع المأخوذ معاملة الملكية بحيث يجوز للغير أن يتصرف فيه بإذن الأخذ مع التفاوت الغير بوقوع الصلح ظاهرا وإثبات هذا في غاية الاشكال.
ومما ذكر ظهر الاشكال فيما هو المعروف من أن طلب البيع من المنكر إقرار بخلاف طلب الصلح حيث إن صحة الصلح العقدي منوطة بالاستحقاق فطلب الصلح اعتراف بالاستحقاق، وأما إحضار الحاكم للمنكر وإلزامه بالحلف مع عدم ثبوت حق للمدعى فلعل الوجه فيه الاحتياط في الأموال والحقوق ولعله من هذه الجهة يحكم بحبس الغريم حتى يتبين إعساره مع أنه إن كان معسرا واقعا لا يطالب بالمال.
وأما استثناء ما حرم حلالا أو حلل حراما فهو نظير الاستثناء في الخبر المعروف " المؤمنون عند شروطهم الخ " ويقع الاشكال في ما تميز ما حرم حلالا وقد سبق الكلام